أوكرانيا اليوم / كييف / عندما يسدل الليل ستاره على دمشق ويلجأ قسم من سكانها الى طمأنينة منازلهم خوفا من العنف، يهرب قسم آخر الى الملاهي الليلية، ليرقص على ايقاع الانغام التي تنسيه انه قد يكون ضحية مقبلة للنزاع الدامي.
في أحد الملاهي الليلية في حي الشعلان، يتمايل شبان وشابات على ايقاعات غربية وعربية، في حين يلاعب الساقي زجاجات المشروبات الروحية بمهارة فائقة.
ويقول محمد (25 عاما) الذي يعمل تاجرا للسيارات “آتي الى هنا لتغيير الجو. هنا الفرح. اريد ان اعيش، ولا ارغب في سماع الاخباء السيئة”.
على حلبة الرقص، يتفاعل رواد الملهى بحماس مع الايقاع السريع لاغنية مؤيدة للرئيس بشار الاسد، تقول كلماتها “لا تسألني كيف وليش (لماذا)، ما حمانا (لم يحمنا) غير الجيش. حمص ودرعا ودير الزور، ما بدهم (لا تريد) الا الدكتور”، في اشارة الى الاسد الذي تخصص في طب العيون.
وتضيف الاغنية “على العالم أمان ساهر، منحيي العميد ماهر”، في اشارة الى العقيد ماهر شقيق الرئيس السوري، والذي يتولى قيادة الفرقة الرابعة في الجيش، أبرز فرق النخبة التي تتولى حماية دمشق ومحيطها.
ويقول “مودي العربي”، وهو الاسم الفني لمغني راب اقام عامين في المغرب قبل العودة الى دمشق، ان “كل الناس سيموتون يوما ما، لكن الشعب السوري يحب الحياة، والاهم انه يحب ان يكون سعيدا. اذا ارادت اميركا ضربنا، انا واثق من ان جيشنا سيدافع عنا”.
ويضيف هذا الشاب البالغ من العمر 22 عاما “الجميع يأتون الى هنا مع اصدقائهم او صديقتهم الحميمة، لنسيان روتين الاسبوع”.
و”مودي” عضو في فرقة لموسيقى الراب تعرف باسم “دمشق العاصمة”. يكتب، يسجل، ويخرج اشرطة مصورة لاغنيات تحيي الحنين الى العاصمة السورية ما قبل اندلاع النزاع منتصف آذار/مارس 2011.
وشارك هذا الشاب منذ سن السابعة عشر، في مهرجانات في سوريا، وبات حاليا يقدم امسيات خاصة مرة كل 15 يوما، لجمهور من الشباب ما بين الرابعة عشر والحادية والعشرين من العمر “لانه من الصعب الحصول على ترخيص من الاجهزة الامنية”.
ويقول مدير الملهى بشار (29 عاما) “نبقي ابوابنا مفتوحة حتى الساعة الثانية فجرا، والامور تسير على ما يرام. لكن لا تذكروا اسم الملهى لانني اخاف من استهدافه بذريعة انه لا يجدر بنا ان نحتفل وقت يموت الناس”.
في دمشق ما يقارب 12 ملهى مماثلا. ويقول احمد (22 عاما) “غالبا ما ننوع في اماكن السهر، وهذا يعتمد على المكان حيث يرغب اصدقائي في التلاقي. يمكن العثور في بعضها على نوافير من الشامبانيا”.
وعلى رغم اصوات المدافع وهدير الطائرات الحربية التي تحلق في الاجواء، يجتمع عشية كل خميس، وهو بداية نهاية الاسبوع في سوريا، نحو 200 عاشق لرقص السالسا في احد فنادق دمشق، للرقص على انغام الموسيقى الكوبية.
تحضيرا لهذه الامسية الاسبوعية، تجتاز يارا مسافة 25 كلم مرتين اسبوعيا لتنتقل الى المركز الثقافي البلغاري في حي المالكي وسط دمشق، حيث تتلقى دروسا في رقص السالسا و”التشاتشا” و”الميرينغي” و”التانغو”.
وتقول هذه الشابة البالغة من العمر 22 عاما، الحائزة شهادة جامعية في الاقتصاد “هنا انا مختلفة، انا سعيدة. اصبحنا كلنا اصدقاء”.
على الحلبة، نحو عشرة ازواج يتدربون تحت الانظار المركزة للمدربين فادي الذي يعمل نهارا مع الامم المتحدة، وميس التي تعمل كمعاونة لمدير شركة اتصالات.
ويؤكد فادي (30 عاما) “نرقص للتخلص من طاقتنا السلبية”.
اما ميس (28 عاما)، فتقول ان “السوريين قبل الحرب لم يكونوا نشطين الى هذا الحد. حاليا فهمنا ان الحياة قصيرة ويجب الاستفادة منها”.
في دمشق القديمة أجواء مشابهة. فقد تحولت قاعة “الكاريوكي” في فندق “بيك باش” جنة لعشاق الموسيقى العربية وخصوصا الاغنيات السورية.
وعلى صوت رشا طباع وهي تغني “حالي حال”، احدى اشهر القدود الحلبية التي اداها صباح فخري، يؤدي اصدقاؤها الرقص الشرقي على هواهم.
وتقول ربة المنزل هذه، والتي لا تمنع نفسها من الاستسلام للرقص ايضا، ان “الوضع سيىء ونأتي الى هنا لتغيير الجو. احب ان اغني واعتقد ان لدي صوت جميل”.
وتعود ملكية الفندق لعائلة باش. وتقول أروى، والدة الشاب محمد باش الذي تأهل الى نصف نهائي برنامج “ستار اكاديمي” للمواهب في العام 2009، ان ابنها “يعشق المجيء الى هنا للمشاركة في الغناء مع اصدقائه”.
ا ف ب