محمد العروقي/ ما ان يبدا موسم الربيع ، و يقترب العام الدراسي من الإنتهاء ، الا و نلاحظ مواقع التواصل الإجتماعي و الصحف و المجلات مليئة بالدعايات و الإغراءات من اجل التسجيل و الدراسة في اوكرانيا ، و يتسابق أصحاب المكاتب بالصيغ و الدباجة و الصور الرائعة من أجل الفوز بكم أكبر من الطلاب من اجل تسجيلهم.
لا ننكر هنا رغبة الجانب الأوكراني في جلب أكبر عدد من الطلبة الاجانب للدراسة في أوكرانيا لعدة إعتبارات اهمها الوضع الإقتصادي المتردي و قلة نسبة المنتسبين من الطلبة الأوكرانيين في الجامعات الأوكرانيين قياسا مع إمكانيات الجامعة و عديد التخصصات التي بها.
ولكن ما أن يبدأ الطالب بالدراسة في أوكرانيا الا و نسمع إشكاليات عديدة ، نصب المكاتب و إحتيالها. ، شراء الشهادات و سهولة تقديم الإمتحانات.
هنا لاانكر حدوث بعض عمليات النصب و احيانا هناك أمور قد يعتقد الطالب بانها نصب ، وهي بالحقيقة إتفاق بين الطالب و مكتب الطلاب على عمولة معينة مقابل إنجار المهمة و مهما كان المبلغ المتفق عليه فذلك لا يعتبر نصب لأنه تم بالتراضي و الإتفاق بين الطرفين و لكن ما يعتبر نصب هو عدم إيفاء المكتب الطلابي بالتزاماته في تسديد الرسوم للجامعة او عدم الإستقبال أو الابتزار ، لذلك فالمكتب ليس جمعية خيرية أو الأجدر أن يقوم الطالب بنفسه بالتواصل مع الجامعة و إتمام الإجراءات .
الأهم من كل ما سبق هو حقيقة الحياة الدراسية في اوكرانيا ، وهنا حقيقة لايمكن إنكارها هو رصانة الجامعات الأوكرانية و المستوى العلمي المتميز بها ، وبها جامعات مصنفة عالميا بدرجات متقدمة و الدليل على ذلك هم الطلبة الأوكرانيين الخريجين انفسهم و الذين يمتلكون أمكانيات ابداعية في جميع المجالات جعلت منهم مطلبا لكبرى الشركات العالمية ناهيك عن تخرج الالاف من الطلبة الأجانب من آسيا و إفريقيا و امريكا اللاتينية ، ومنهم من يتبوا اماكن ومناصب مرموقة ، ومنهم من اصبحوا وزراء.
إذن أين الخلل ؟ الخلل يكمن اولا في إستغلال الظروف الإقتصادية للبلاد و للفساد الموجود حيث يستغل الطالب ذلك من اجل تسهيل انهاء دراسته بدفع مبالغ مالية مقابل اجراء الاختبارات و الإمتحانات أي دراسة 6 نجوم . و هنا نجد مفارقات عجيبة البعض من المدرسين بالجامعات لا يتنازلوا عن مبادئهم بملايين الدولارات و البعض منهم من لديه تسعيرة لكل مادة و لكل جنسية.
ثانيا يمكن ان يقاس الخلل هو بتحول هدف الطالب من السبب الذي جاء من اجله أوكرانيا ، اما لظروف إقتصادية قاهرة لا يستطيع الاهل بسببها أن يلتزموا بالمصاريف المادية او أن الحب و الجواز و إضاعة الوقت مع معشوقة القلب هو اسمى الاماني ، كما ان هناك سبب آخر و هو تحول نظرة الطالب عن حقيقة الأمر الذي جاء من اجله و يصبح هدف الدخول الى عالم ” البزنس” في المقام الاول ، فلان له جيب آخر موديل ، فلان له شقة و منتجع ، فلان يملك و وفلان يملك … ،و لماذا انا لا اكون مثلهم و هذه حكاية اخرى ، و يبدا مجال البزنس المتمثل في “سيخ شاورما” ، او محل “أرجيلة ” ، وفي احسن الاحوال “سكند هاند للملابس” ، هذا مع التاكيد ان الشغل و العمل ليس عيبا لمن يستطيع و هناك كثير من الطلبة الذين استطاعوا ان يعملوا و يصرفوا على انفسهم و تفوقوا بدراستهم . لكن المغامرة و الطموح يجب ان لا يتخطى الهدف الرئيسي وهو التحصيل العلمي لانه في نهاية المطاف سيجد الطالب نفسه دون شهادة و دون علم و دون مستقبل حقيقي في إنتظار صفقة عن طريق تاجر قادم من بلد عربي لعل و عسى.
من هنا وخلاصة القول ، لنترك جانبا قصة المكاتب الطلابية فان حدث خلل فهناك المحاكم القضائية و الطرق العشائرية لحلها و لا نجعلها مبررا للفشل طوال 6 سنوات ، وعلينا ان نواجه الحقيقة بضمير حي ، الجامعات موجودة و العلم موجود لمن يريد ان يدرس بحقيقة و يحمل شهادة علمية و الطرق الاخرى موجودة لمن يريد شهادة فقط من اجل أن يسمع زغرودة أمه إن عاد في يوم من الأيام وكان والديه أحياء يرزقون.