الدحية و الشرعية
9 أكتوبر, 2016
سياحة, مقالات
كتب// توفيق ابوخوصة
مواقع التواصل الإجتماعي و المجتمع الفلسطيني شهد حالة غير مسبوقة من التضامن الممزوج بالغضب في مواجهة ” بوست ” كتبه المدعو عطالله أبو السبح أحد قيادات حماس على صفحته الفيسبوكية ، وصف فيه ” الدحية بالجعير ” ، أبناء القبائل البدوية في فلسطين من أقصاها إلى أقصاها قاموا ” بالفزعة الإلكترونية للذود عن شرف الدحية و شرعيتها ” ، المفاجأة التي لم تكن مفاجأة أن الفزعة البدوية شكلت نموذجا لوحدة الحال بل وحدة من نوع خاص في الموقف بين أبناء البادية حتى من طالهم التمدن و المدنية الحديثة في كل بقاع فلسطين ، و جاءت في ذروة الأخذ و الرد بين أنصار الشرعية و تيار المعارضة في فتح بعد الحادث المدان بحرق صور الرئيس أبو مازن ، غير أن من تقاطر على صفحة عطالله أبو السبح على الفيسبوك للدفاع عن الدحية كونها أحد أشكال التراث و الفلوكلور الفلسطيني كانوا أكبر بأضعاف المرات عمن إنتفض لإدانة حادثة حرق صور الرئيس أبو مازن .
المنتفضون دفاعا عن شرعية الدحية لم يوجههم أحد و لم يدفع لهم أحد ،،، لم ينتفضوا من أجل رتبة أو راتب أو تزلفا لأحد ،،، لا عندهم أجهزة أمنية ولا أعضاء لجنة مركزية و مجلس ثوري ولا تنظيم يجمعهم ،،، ولا يطمح أحد منهم في التقرب لمسؤول أو قائد ،، ولا عندهم مؤتمر عام سابع يبحثون عن الترشح لعضويته ، أبناء البادية أخذتهم النخوة على إختلاف قبائلهم و عشائرهم ومثلهم الألاف من أبناء شعبنا الذين هبوا للدفاع عن تراث فلسطيني أصيل ساءهم أن يتعرض له أحد مدعي الثقافة و الذين هم خارج منظومة الثقافة الوطنية أصلا ، لأنهم يكتفون بالثقافة الحزبية و التعبئة الأيديولوجية العمياء التي لا ترى إلا ما يراه جماعتهم ، إن الغزو البدوي للفضاء الإلكتروني ومواقع التواصل الإجتماعي على قلب رجل واحد للدفاع عن أحد مكونات التراث الوطني هو علامة فارقة تحتاج إلى وقفة كبيرة لكل من يدعي الدفاع عن الشرعيات ، و التراث هو شرعية فلسطينية مثل بقية الشرعيات و لكنها تحظى بالإجماع الوطني في كل زمان وتتميز بأن شرعيتها لا تتغير أو تهتز مع الزمن ، كمأ أنها لا تحتاج للتجديد بين الحين و الأخر مثل غيرها .
شبكات التواصل الإجتماعي سيطر عليها أنصار شرعية الدحية ، و تراجع أنصار الشرعيات الأخرى ‘ بل إن بعضهم لم يعد مهتما بالشرعية التي يمثلها الرئيس عباس ، و ذهب ليدافع عن شرعية الدحية ، أكثر من ذلك فإن عددا من القبائل و العشائرالبدوية أصدرت بيانات إعلامية حادة اللهجة ضد ” المغضوب عليه ” صاحب البوست الغبي ، هددت فيه بملاحقته و القصاص منه ، المهم في الأمر بأن أبناء البادية دخلوا للتعليق المضاد على صفحة أبو السبح بأسماءهم الشخصية الحقيقية وليست بأسماء مستعارة كما يفعل البعض ، حيث طاله من النثر و القصيد بالحرف و الصوت و الصورة أكثر مما قيل في معارك الوهم السياسي و الإستعباط التنظيمي .
للأسف كل الشرعيات الفلسطينية لا تحظى بما حظيت به معركة الدفاع عن شرعية الدحية من إجماع وطني و شعبي قل نظيره ، وصدق في الموقف و نزاهة في الدوافع .