سامح سمير / من منّا يحب الموت ومن يحب الحياة؟ سؤال يبدو ساذج بإعتبار أنه لا يوجد من يحب الموت ولكن ماذا يعني الموت وماذا تعني الحياة؟ سنحاول أن نستخدم التعابير والتعريفات المنطقية المباشرة بعيدا عن المتاهات الفلسفية المعقدة.
لوقلنا أن الموت يعني عدم الوجود والحياة تعني الوجود، إذن فالجميع يريد الوجود .
ولكن وجود ماذا وعدم وجود ماذا؟
الإنسان ذلك المؤسسة الضخمة التي لم يولد بعد من يمكنه أن يُشرّحها أو يَشرحها لنا بالتفصيل المحدد ويبين لنا مما تتكون بالضبط . فهناك الجسد والنفس والعقل والقلب والروح..
حينما يوجد شخص إسمه فلان مثلا فما هو الذي إسمه فلان؟ أين هو فلان هذا؟ هل هو الجسد؟ لا حيث يقال جسد فلان والعقل عقل فلان والنفس تفس فلان وهكذا.. إذن أين فلان هذا المنسوب إليه ملكية أجزاء مؤسسة الإنسان .
لننطلق مما ثبت معرفته إلى الان ومما نشعر به وقياسا على عالم المادة الملموس .
كما درسنا أن الذرة هي وحدة بناء المادة تتكون من الكترونات وبروتونات( النيترون هو أيضا الكترون+بروتون)
وهذا لذرة أي عنصر ولايوجد فرق بين إلكترون أو بروتون ذرة الحديد مثلا وإلكترون أو بروتون ذرة الذهب مثلا .
فما الذي جعل الذهب ذهبا والحديد حديدا؟
هو طريقة ترتيب وتوزيع هذه الإلكترونات والبروتونات إذن مُسمّى الذهب أو الحديد هو هذه الطريقة أي شخصية وهوية وبصمة الذرّة.
قياسا على هذا وأيضا طبقا لما نشعر به شخصية وبصمة وهوية النفس هي فلان الذي ينسب إليه كل أجزاء مؤسسة الإنسان .
إذن الذي يَحيى والذي يموت والذي يوجد والذي لايوجد هو الشخصية والبصمة والهوية الموجودة لكل نفس، إن عاشت عاش فلان وإن ماتت مات فلان .
في ظل تعكّر الفكر والتيه المعرفي الذي نعيشه وما يعقبه من أخطاء في التربية وإتخاذ القرارات المصيرّية الخاطئة والفساد السياسي والإقتصادي وعدم وضوح الرؤية ، ينقسم الناس إلى قسمين، قسم يَحيى في الموت وقسم يموت في الحياة .
القسم الأول حيّ بجسده ولكن شخصيته وهويته وبصمته ميتّة.
ذابت وتحطمت شخصيته وهويته وبصمته بل أنها ربما لم تُبنى أساسا، يَدرس مجال غير مناسب لشخصيته، يعمل في عمل غير مناسب له، يتزوج زوجة غير مناسبة له، يسكن في سكن غير مناسب له، يُمارس طقوس غير مقتنع بها.
إذن فهوحيّ في عالم الموت وموجود في عالم اللاوجود.
والقسم الآخر يصارع ويكافح موت الشخصية والهوية والبصمة.
حيّ بشخصيته أو يحاول إحياؤها والبقاء عليها جاهدا، ولكن نظرا لخلل التوازن وإختلال المقاييس والبيئة الفاسدة لايجد فرصته ويموت بجسده وإحتياجاته المادية.وفي النهاية ربما لايجد عمل ولا زوجة أساسا لأنه متمسك بأن يحصل على ما يُناسبه وما هو أهل له ليُبقي على شخصيّته وهوّيته وبصمته حيّة .
إذن فهو ميّت في عالم الحياة وغير موجود في عالم الوجود.
ربمّا يذّكرنا هذا بقول الشاعر العظيم المتنبي :
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ
يا تُرى هل سألت أو تسأل أو ستسأل أو تستطيع أن تسأل نفسك من أي قسم أنت؟
وهل يمكن أن يأتي يوما ونجد من يحيى في الحياة، ويتبدل هذا العنوان البغيض إلى الحياة في الحياة…..