هشيار خطاط / في خضم التغييرات السريعة التي تشهدها المنطقة ، من تجاذباتٍ سياسية وأمنية وعسكرية وفي ظل علاقات المد والجزر بين الأطراف المختلفة ، وما أفرزته معاهدة المجموعة ٥+١ مع أيران ، لابد من وقفةٍ جلية وتباحثٍ بشيءٍ من التعمق في حيثياته وما هو معلن منه من الخفي أو كما يقال (السعي لمعرفة ما مكتوب بين الأسطر )
فالجميع يعلم أن الأتفاق أتم ، وأن لكلا الطرفين أهدافاً تحققت وأخرى في طريقها للتحقيق ومكاسبا” وإن كانت مرحلية! فهذه المعاهدة خلقت أجواءً من عدم الارتياح لدى حلفاء الطرفين دون إستثناء! ومن هنا يمكن أن ننظر إلى أثارها السلبية والأجابية على المنطقة بصورة عامة كسوريا وتوركيا والعراق والعربية السعودية وأسرائيل ، وبحكم تواجد الكورد وقضيتهم داخل منطقة الأحداث ، فالمؤشرات والحراك السياسي والإجراءات الأمنية والعسكرية التي أتخذتها بعض دول المنطقة ، تعطينا دلالات واضحة على نوعية الصفقات بل تشخص لنا الضحية ! فعلى سبيل المثال توركيا وماجرى من تغييرٍ جذريٍ في موقفها تجاه (داعش) من داعم غير مباشر إلى مشارك فعال ضد (داعش) وفتح قاعدة أنجرليك أمام الأمريكان ، كانت نقطة تحول وإرضاء للأمريكان خوفاً من توركيا على تقليص دورها وخصوصاً أن إيران بدأ كلاعب أساسي في المنطقة بدون منازع! وتخوفاً من توركيا وحفاظاً على دورها الفعال في المنطقة فتح الباب مجدداً مع سوريا ونظام بشار, فباشرت بضرب أوكار (داعش) داخل العمق السوري بموافقة سورية! مقابل تعهد نظام الأسد بتقليص دور العمال الكوردستاني وتخفيف تهديداته على مصالح وأمن توركيا! الأمر الذي شجع الأتراك على توسيع العملية لتشمل ضرب قواعد العمال الكوردستانى داخل حدود العراق في إقليم كوردستان ، كردة فعلٍ وبحجة ما قام به موالين للعمال الكوردستاني داخل توركيا من أعمال شغبٍ وأستهداف عناصر أمن أتراك ، مما أثار حفيظة الكورد وسكوت حلفاء العمال الكوردستاني كسوريا بالدرجة الاولى وايران ..
وهنا أصبح جلياً بأن بعض قواعد اللعبة قد أنكشفت! فتوركيا وبغض النظر عن خسائرها الأقتصادية ، فضلت أمن توركيا على كل مسمى ولاشك أن هذا الوضع أفرز تداعيات سياسية وأقتصادية أقليمية وداخلية على قضية الكورد ! فأقليم كوردستان الذي بدأ صناعته النفطية عبر توركيا يتوسع رواجه وهو على أعتاب أعلان الأستقلال الأقتصادي قد يتأثر سلبا” , ناهيك عن المسؤلية القومية والتي هي مسألة أخلاقية ومبدئية في إقليم كوردستان. ويمكن أن نلخص الموضوع كالأتي … تخلى أيران عن جزء من حلفائه كسوريا وان كان بشكل مرحلي والى حدٍ ما ورقة الحوثيين لصالح بعض القوى ، بالأضافة إلى التضحية بالعمال الكورستاني من أجل توركيا ولربما بعض قوى أقليم كورستان المحسوبة على جبهة ايران! و قد يتسأل البعض ويحجج بموقف أقليم كوردستان ومستقبله ؟ فحسب المعطيات ليس هناك أية تهديدات مباشرة على الأقليم الذي يعتبر جزءا” من العراق , لاسيما بعد أن بدأ الامريكان يطمئن بعض حلفائه الأساسيين كتوركيا والعربية السعودية وإسرائيل بالأضافة إلى مسؤلياته أمام بعض أوراقه حديثي العهد في التحالف الأمريكي حسب المنظورالأمريكي الحديث كأقليم كوردستان بأعتباره جزءً من اللعبة ، بحيث يبقى على شاكلته الحالية مع السعي على حل الخلافات مع بغداد المركز ، حيث يمكن أن نفسر بأن العمال الكوردستاني وحلفائه أصبحوا ضحية أولية لهذا الأتفاق ولا نخفي بأن الأيام القادمة تحمل مفاجأة وتغييرات في بعض المواقف والتكتيكات وعموما” ليس بصالح الكورد.
ومن هنا ندعو الفرقاء السياسيين في العراق بمختلف أشكاله وفي إقليم كوردستان الى التحلي بروح المسؤلية القومية والوطنية أمام هذه التحديات وتداعياتها والكف عن الصراعات الداخلية والمصالح الضيقة نتيجة الأنقسام الحاصل علي جبهتي الصراع الأزلي بين توركيا – إيران ، فالمرحلة الحالية تجبرنا على التركيز على الهدف الرئيسي وترك أو تأجيل الخلافات والحساسيات الحزبية والمناطقية كأضعف أيمان , فالعراق كان يحسب له الكثير في التوازنات الاقليمية وكان يعول عليه في حل النزاعات بالرغم من سلبياته وأخطائه الكثيرة والكبيرة , أصبح اليوم من أضعف الكيانات وبلد هزيل ليس ألا! وبمعنى أخر فهو اليوم خارج اللعبة وليس له دور يذكر، بل هو مهدد بالأساس ولأسباب مختلفة سياسية أقتصادية وعرقية مزهبية , لعدم ألتزام الأطراف المختلفة بالدستور . فيمكن أن نطلق على العراق حاليا” ببلد الولاءات المتعددة! وفي الوقت نفسه العراق أختار الصمت ، فهو يدرك بأن مايحدث سوف يكون تأثيره مباشرا” على أضغاف هيبة ومكانة أقليم كوردستان ، أما الكورد فخلافات الانتماءات المتعددة ، أنهك كاهله وشتت شمله ، فمن المعلوم أن الكورد وعبر التأريخ قد مروا بمراحل مفصلية مهمة وحساسة ، وكانت النتيجة هو الانهيار والفشل ، كنتيجة لأخطاء داخلية وسوء تقدير في التعامل مع الأصدقاء والأعداء ! فالمحصلة النهائية لاتصب في مصلحة القضية الكوردية ! سيما أن الوقائع التأريخية دليل على خسائر الكورد وقضيتهم ، بمؤامرات الدول المقسمة لكوردستان وبمباركة أمريكية..!