كفاح محمود كريم / يا سبحان الله كم هو التشابه متطابق بين أفكار ونهج وسلوكيات نظام صدام حسين وحزب البعث وبين ما يفعله رئيس الحكومة العراقية المنتهية صلاحيتها وطاقمه الإعلامي ورجال ماكينة دعايته، ومراقبة سريعة لنمط الإعلام الموجه وهو في أصله دعائي قبل أن يكون إعلاما مهنيا، يعيدنا إلى حقبة برامج ( صور من المعركة ) والأغاني والأناشيد الوطنية لمجاميع الفن والفنانين ببدلاتهم العسكرية، وقد استنسخ الكثير منها صورة وصوت وأشخاص وحركات حد التطابق، بحيث جعلتنا نستذكر أيام ( قادسية صدام ) ولا نعرف ما الذي سيطلق على ما حصل في الموصل وتكريت من اسم يوثق هذه الحقبة كما فعل سلفه في حربه ( المقدسة ) مع من كان يسميهم بـ ( الفرس المجوس ) والعياذ بالله؟
هذه الثقافة وهذا النمط من السلوك يبدو والعلم عند الله متأصل في النظام السياسي العراقي في كثير من العناوين وصيغة التصريحات حتى وان تغير شكله من نظام دكتاتوري إلى نظام ديمقراطي، وما يحصل اليوم يعيدنا إلى ذكريات مريرة في سجلات دولتنا العتيدة، وخاصة ما يتطابق منها مع حقبتنا المباركة هذه، ونتذكر هنا ما قاله صدام حسين حينما فجر حزب الدعوة قنبلة في مدخل جامعة المستنصرية ظنا منه إن موكب طارق عزيز سيمر أو مر من هناك، فقتلت ( الرفيقة فريال ) مما أثار قائمة ( الرئيس القائد ) فتوعد بقسم ثلاثي بان دم فريال لن يذهب سدى وسينتقم انتقاما رهيبا، وبعد سنين طوال من المرارة والدماء في حرب قذرة بين ايران والعراق، دفع فيها الشعبين لأجل أن لا يذهب قسم القائد أدراج الرياح انهارا من الدماء، ورغم إن رئيس الحكومة الحالية كان من ضحايا ذلك النظام وقدم حزبه آلاف الشهداء، إلا انه بمجرد أن اعتلى منصة الحكم بانت جيناته السياسية وتنشطت أنماط من الموروثات السلوكية المتطابقة تماما مع سلفه في حكم البلاد، وليس غريبا أن يمارس ذات الدور وبنفس الكلمات والمعاني إبان مقتل احد الصحفيين لكي يحضر شخصيا هناك ويعلن ولايته للدم ويشرع في مطلع الألفية الثالثة قانون الدم بالدم!؟
حينما نقول التشابه حد التطابق نعني تماما ما يحصل الان، فقد بدأت عملية عسكرة المجتمع بشكل كبير مضافا إليها تعطيرا دينيا بديلا عن العطر القومي الذي استخدم في الحالة الأولى، واستحدثت قيادة ميليشياوية بديلة للجيش الشعبي أطلق عليها اسم الحشد الشعبي، ونظرة سريعة لأداء وسائل إعلام وماكينة دعاية السيد رئيس مجلس الوزراء المنتهي صلاحيته ندرك تماما أين تتجه البلاد، وتذكرنا بذات البدايات التي اعتلى فيها صدام عرش السلطة وفتح بوابات الدماء والدموع لأجل كرسيه الذي نخرته الجماجم.
العراق اليوم يشهد النسخة الصدامية الثانية تحت تسميات وعناوين مختلفة لكنها في جوهرها تنبع من ذات الينبوع!