هادي جلو مرعي / لاأحد من قادة العالم الحر، ولا أحد من قادة الدول العربية المعنية بالمواجهة مع إيران لديه الرغبة في وقف تقدم داعش داخل الأراضي العراقية على الإطلاق ولهذا كان دخول التنظيم الى الموصل قبل عام من الىن ومن ثم سيطرته على الأنبار الواسعة والممتدة، أمرا متوقعا خاصة مع غياب التفكير بالمستقبل وإنعكاسات صعود قوى التطرف الديني حيث تقوم بعض البلدان ولحسابات ضيقة بدعم تنظيمات دينية هنا، أو هناك لإحداث فوضى، أو نشر رعب محدود لتغيير نظم وإستراتيجيات، أو لزيادة ضغوط على دول مناوئة، أو أنظمة حكم غير مواتية.
هناك من يتحدث عن دور خليجي في دعم داعش سواء كان النظام السياسي القطري الرسمي، أو من خلال النظام التركي، بينما تتركز الإتهامات على السعودية بوصفها الرافد الأساس لضخ المقاتلين والإنتحاريين، مع وجود جمعيات خيرية توفر الدعم المالي لتلك التنظيمات، وبينما كان الجميع ينظر الى سوريا ويراقب تحرك داعش من مكان الى آخر، كانت واشنطن في غاية الخجل وهي توجه ضربات جوية محدودة لم تمنع التنظيم من التقدم، بل زادته قوة ومنعة، وأدت الى تقدمه في مناطق أخرى، وبعد عام من تلك الضربات والمعارك الشرسة صارت الرمادي عاصمة إقليم الأنبار تحت سيطرة التنظيم بشكل كامل، بينما لم نستفد من السياسيين الأمريكيين سوى التصريحات الرنانة المحبطة تارة، والمتفائلة تارة أخرى ولكنها لم تؤثر في زيادة الزخم المعنوي للجيش والحكومة العراقية.
رئيس البرلمان سليم الجبوري عبر عن يأسه البالغ في ظل إنهيار الجيش في كل مرة يقوم داعش بشن هجمات في أنحاء من البلاد، وتوقع أن يتم حله في حال لم يكن من محاسبة للمقصرين على خلفية إحتلال الموصل، ومن ثم الرمادي، بينما يترسخ يوما بعد يوم دور الحشد الشعبي وهو جيش مواز يملك القوة والقدرة، وكان سببا في وقف إنهيار الجيش ومعالجة أخطاء وزارة الدفاع المريرة التي تراكمت خلال السنتين الأخيرتين، وتسبب ذلك في سقوط المدن، وحصول داعش على معدات قتالية كافية لتسليج جيوش عدة دول.
الدول المحيطة بالعراق ليست متحمسة لدوام هذا البلد موحدا فهو في النهاية بلد مزعج يكثر فيه الهرج والمرج وتدوم الصراعات فيه بين أبنائه، وغالب من يحكمون فيه يميلون الى الدكتاتورية والتعدي على دول الجوار، وتقسيمه ربما بكون في خدمة بعض الدول بظن زعامات تلك الدول مع تجاهل غمكانية تحول التقسيم الى سنة تتحول الى الدول الأخرى المجاورة مايضعف من تماسكها، ويحيلها الى دويلات عدة متناحرة، وهو مايخشاه أبناء البلدان العربية الذين تعذبوا كثيرا وعانوا طويلا وهم ينتظرون ساعة خلاص يتنفسون فيها هواء الحرية ويعيشون بإستقلال وكرامة دون منغصات.
هناك من يجد الأمور قد تحولت الى النهايات، وصار التقسيم في العراق أمرا لابد منه لوقف الدم المراق، خاصة وإن التعايش بين المكونات المذهبية والقومية لم يعد ممكنا، فالكرد ماضون في مشروع الإنفصال، والسنة والشيعة لايطيقون بعضهم البعض، مع وجود التنظيمات الدينية المتطرفة التي أحالت كل شئ في العراق الى خراب، والحوادث تمضي لجه فك الإرتباط.