خالد
د.خالد ممدوح العزي

التفاوض الفلسطيني –الإسرائيلي : بين اوسلو جديد بظل تسويات قادمة للمنطقة برعاية امريكا وانزعاج روسي . …!!!

التفاوض الفلسطيني  –الإسرائيلي :

 بين اوسلو جديد  بظل تسويات قادمة للمنطقة برعاية امريكا وانزعاج روسي .  …!!!

خالد أوكرانياتعود المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية إلى الواجهة مجددا لتحتل الصدارة بعد حراك للدبلوماسية الأمريكية غير مسبوقة  فاستطاعت أن تخرق الصمت الذي سيطر على  عملية التسوية طوال ثلاث  سنوات(1) ، وخاصة بظل التغيرات الجديدة على المشهد السياسي للمنطقة العربية  الذي ترافق مع ثورات الربيع العربي وتغيير الأنظمة ، ومحاولة تموضع معسكر الممانعة الذي ابعد إيران عن المفاوضات.  و ترافق إطلاق المفاوضات هذه استلام المؤسسة العسكرية في مصر، وتوقيع اتفاق مع سورية يقضي  بوضع سلاحها الكيماوي تحت إشراف الأمم المتحدة كإجراء أولي ، مواكبا الى ليونة ايران غير عادية مع المجتمع الدولي بما يخص ملفها النووي  ، إضافة إلى حملة إعلامية تشن ضد التيارات الدينية بما فيها حركة حماس.

 لقد نجحت الإدارة الأمريكية في إعادة إطلاق المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية  في 30 تموز 2013(2)، بعد تنازل الطرف الفلسطيني عن شرطه في وقف الاستيطان. وبعد مضي 22عاماً على مفوضات مدريد، و21 سنة من أوسلو ، لكن  لم يتحقق السلام الذي كان شرطه الأساسي “الأرض مقابل السلام” (3)،  فهل فشلت عملية السلام في الشرق الأوسط بعد سيطرة نتانياهو وتكتله المتطرف على سياسة إسرائيل والتي كادت أن تحقق نتائج عملية في الأفق.

فهل نحن أمام تسوية حقيقية فرضتها التغيرات الحالية ،تبدأ من فلسطين وتنتهي بسورية بناءً لإتفاق اوباما –بوتين الجديد.

وبناء على هذا الحدث نحاول في هذه الدراسة   المخصصة للمفاوضات الفلسطينية –الإسرائيلية الاضاءة على هذا الموضوع الحساس والتوقف أمام هذا الحدث في شرح وتحليل للمواقف المختلفة بناء للتالي.

سير المفاوضات :

تسير  المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية  في جولتها الرابعة بعيداً عن الإعلام ودون تسريبات تذكر، اللهم إلا الحديث عن أنها كانت بناءة وجادة وحتى صاخبة أحياناً، وأنه تم التوافق على تشكيل سبع لجان فرعية تتعاطى مع القضايا والملفات محل التفاوض، وهي:” الحدود الأمن القدس الاستيطان المياه الأسرى واللاجئين”، على أن يتم إعطاء الأولوية لملفي الحدود والأمن كون التوصل إلى حلول لها يؤدي تلقائياً إلى حسم قضايا وملفات أخرى مثل “القدس، الاستيطان والمياه”(4).

الإدارة الأمريكية ومحاولات إنجاح المفاوضات:

– وصلت الأزمة إلى ذروتها من خلال سياسة”بوش الابن” في إيصال” عملية السلام إلى مرحلة التأزم من خلال (الدعم الأمريكي المطلق) لإسرائيل، والذي وفر لها خياراً إستراتيجياً تراوغ وتتعنت في إكمال المفاوضات مع الفلسطينيين،عوضاً عن جعلها عنصراً مقبولاً في الوسط العربي، بناءً على دعم عملية السلام الهادفة إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة،وقابلة للحياة بجوار دولة إسرائيل، وإنهاء سنوات طويلة من النزاع العربي – الصهيوني عامة والفلسطيني خاصة (5).

فمسيرة أنابلوليس اليتيمة التي  لم يكتب لها النجاح سابقا (6)، والتي  انهارت نهاية عام  2008 نتيجة حرب غزة ومن جراء أسباب أخرى . فالمسار الجديد  الذي انتهجه “باراك أوباما” قبل سنة من تسلمه زمام السلطة في “الولايات المتحدة” وتبنيه فكرة قيام الدولة الفلسطينية، لإصلاح نهج  “بوش “.

 التصريحات الأمريكية  التي توالت فيما بعد لمواكبة نهج “أوباما”،  حول تسوية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، والجهود الدبلوماسية المكوكية لم تفلح بتحقيق إي خرق يذكر ، فالجولة الجديدة التي تقوم بين الإطراف المتنازعة  والتي تدفع بها إدارة اوباما من  تحريك  في المسار السياسي للتسوية ربما من اجل لفت انتباه إسرائيل على حقيقة التغيرات العربية الجديدة(7).

سعت إدارة الرئيس أوباما منذ بداية ولايته الأولى لإحداث اختراق في عملية التسوية، إلا أن هذه الجهود اصطدمت بالتعنت الإسرائيلي الرافض لوقف الاستيطان، مما أدى إلى توقف المفاوضات(8) .

وعلى الرغم من استمرار التعنت الإسرائيلي وعدم تنازله عن الاستيطان، إلا أن الجهود الأمريكية استطاعت هذه المرة إحداث اختراق من خلال ست جولات مكوكية لوزير خارجيتها ” جون كيري” بين تل أبيب، وعمان، ورام الله، التي أسفرت عن تنازل القيادة الفلسطينية “رام في الله” عن شرط وقف الاستيطان (9).

صحيح أن الجانب الإسرائيلي أقدم على إطلاق سراح 104 أسرى، في المرحلة الاولى  و63 اسير في المرحلة الثانية  من الأسرى الموجودين في سجونها قبل توقيع اتفاق أوسلو سنة 1993 كبادرة حسن النية وهو ما يعد تنازلا شكليا، لكنه لا يقارن بما أقدم عليه الجانب الفلسطيني من تنازل خطير يمس الأسس التي بنيت عليها المفاوضات، وله تبعاته على مسار المفاوضات ومستقبلها (10).

نظرة كيري وفريقه للتفاوض:

يرى الفريق الأمريكي أن الظروف الإقليمية الحالية مؤاتية للتوصل إلى اتفاق سلام كون دول عربية عديدة كانت معنية بالشأن الفلسطيني، باتت مشغولة الآن بنفسها ومشاكلها الداخلية ولن تشكل عامل معرقل أو ضاغط على الفلسطينيين وخاصة  بعد عزل  الرئيس محمد مرسي،والاتفاق السوري بتسليم السلاح الكيماوي والحملة التي تشن ضد حركة حماس والاسلاميين.

إضافة للقلق الإسرائيلي المتعاظم من العزلة الدولية:

-فالعزلة السياسية قد تتطور باتجاه مقاطعة اقتصادية شاملة تطال حتى المنتجات البسيطة والبدائية ناهيك عن الملفات الأكثر تعقيداً مثل التعاون الاقتصادي التعليمي الثقافي وحتى الأمني والعسكري. للعزلة الدولية مخاطر كثيرة  تتمثل بتكبيل أيادي تل أبيب وتقييد حركتها في محاربة الإرهاب والدفاع عن أمنها وهذا ما استغله كيري لتطوير معادلة أن التخلي عن المستوطنة” نتانز” الأشهر في عمق الضفة الغربية، والتي باتت رمزاً للمشروع الاستيطاني برمته مقابل التوصل إلى اتفاق سلام نهائي، يتضمن إقامة دولة فلسطينية وفق المحددات المقبولة فلسطينياً وعربياً ودولياً لمنع العزلة الدولية.

 حافظ جون كيري  أيضاً على هواجس و متطلبات تل أبيب الأمنية ، علماً أن العنوان العريض للعمل يتمحور حول تفسير مضمون مفهوم الدولة الفلسطينية المنزوعة السلاح، كما التوصل إلى حل خلاق فيما يتعلق بغور الأردن وإصرار إسرائيل على الاحتفاظ بوجود عسكري فيه ولفترة زمنية طويلة من أجل تأمين حدودها الشرقية أمام أخطار تبدو وهمية في ظل ما جرى ويجري في سورية ومصر والمنطقة العربية عموما (11).

منظمة التحرير وعملية السلام:

ان مبادرة السلام الفلسطينية تعبرعن استعداد م،ت،ف. وتصميمها على التوصل الى تسوية متوازية على التنازلات المتبادلة ، واقامة دولة فلسطين في الضفة وقطاع غزة مقابل السلام،وان شروط السلام بما فيها الاعتراف وطبيعة العلاقات المستقبلية بين دول المنطقة ،وترتيبات الامن ،والضمانات الدولية،تغضع كلها للتفاوض في اطار المؤتمر الدولي ،على اساس متبادل يضمن توازي المصالح والحل الوسط بين الاطراف (12). لكن جفري ارنونسون في كتابه يقول  بان :”التفاوض الفلسطني الاسرائيلي هو نتيجة    اندلاع الانتفاضة الفلسطنية الاولى عام 1987 والتي اجبرت العالم كله على الضغط القوي على اسرائيل واجبارها بالجلوس على طاولة المفاوضات  مع الفلسطنيين بالرغم من كل التلميع الذي استخدمها الراعي الامريكي لتبرير موقف اسرائيل للجلوس مع منظمة التحرير الفلسطنية على طاولة المفاوضات في مدريد ومتابعتها في اوسلو  (13) .

فعلى الصعيد الفلسطيني من اجل متابعة عملية السلام الفلسطينية من خلال برنامج المنظمة الذي اقره المجلس الوطني الفلسطني في دورته 19  والذي كان يقضي بالتمسك الحازم بقرارات ومواجهة اي محاولات للخروج عنها او ارتداد عليها واعتمادها اساس للتحرك السياسي الفلسطيني وتعبئة الجهود من اجا تطبيقها.فالقرارات التي تمثل عناصرها الجهوهرية في السعي الى تسوبة سياسية شاملة ومتوازية تتضمن انسحاب اسرائيل من جميع الاراضي الفلسطينية والعربية التي احتلالتها منذ عام 1967،وتمكين دولة فلسطين في ممارسة سيادتها وسلطتها الفعالة على اراضي الضفة والقطاع كما تؤمن ضمانات الامن والسلام لجميع دول المنطقة ،وحل قضية اللاجئين الفلسطنيين على اساس قرارات الامم المتحدة(14) .

مؤتمر مدريد وروسيا:

مؤتمر مدريد هو مؤتمر سلام عقد في مدريد في إسبانيا في نوفمبر\تشرين الثاني\ من عام 1991، وشمل مفاوضات سلام ثنائية بين إسرائيل وكل من سوريا، لبنان، الأردن والفلسطينيين (15). لكن “لبنان، سوريا، الأردن، فلسطين” وإسرائيل وإطراف أخرى لبحث المواضيع التي يتطلب حلها وعقد المؤتمر بمبادرة من الرئيس الأميركي جورج بوش الأب في أعقاب حرب الخليج الثانية، وذلك برعاية كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي(16)، ترأس الوفد الفلسطيني حيدر عبد الشافي، وسار كل من الأردن والفلسطينيون في المفاوضات كلٍ على حدى ولكن سوريا ولبنان إلتزمتا بوحدة مساريهما التفاوضيين. تم التأكيد في المؤتمر الذي عقد على أساس مبدأ “الأرض مقابل السلام” والالتزام بقرارات مجلس الأمن 242 و338 و425. ففي مدريد كان الدرور الروسي مفقود(17) وكان بروز التفرد الامريكي  برعاية التسوبة  .

الفلسطيني والإسرائيلي في التسوية :

1-إسرائيلياً ، إن وصول قيادة إسرائيلية ضعيفة إلى السلطة، لم تستطع متابعة عملية السلام ، و انتهى  بها الأمر، بحرب مدمرة ، على الشعب الفلسطيني،فالانتخابات الجديدة داخل المجتمع اليهودي، والتي أفرزت  قيادة جديدة ، متطرفة ، يعتبر فيها  “بنيامين نتانياهو” المعتدل الوحيد ، وسط هذا التطرف الكبير  داخل المجتمع ، واتساع الهوة السياسية في الوسط الإسرائيلي، دليلاً جديداً على أن الشعب الإسرائيلي غير جاهز لتقبل فكرة السلام والعمل على تطبيقها ، بسب اختياره للتطرف وازماته الداخلية، استطاع فريق نتانياهو أخذ إسرائيل أكثر نحو اليمين و إبعادها كلياً عن فكرة السلام الحقيقي، بالرغم من ذهاب “تسيبي ليفني” للمفاوضات لكن أمال النجاح محدودة (18). فإذا  لم تحصل تغيرات حقيقية وجذرية في داخل المجتمع الإسرائيلي، لتسويق فكرة السلام (19)، من خلال قادة قادريين على كبح التطرف والتعصب  اليهودي فإنه لا أمل بحل (20) . لأن الهدف الإسرائيلي الأساس هو إضعاف السلطة الفلسطينية (21)، وشل حركة “حماس” و تغييب الشريك الفلسطيني متابعة المفاوضات، وهذا ما تعلنه القيادة الصهيونية يوميا، “بغياب الشريك الفلسطيني الحقيقي الذي يتابع سير المفوضات، فوجود حكومتين فلسطينيتان يساعد الدعاية الإسرائيلية(22 )، التي تهدف  إلى  تجويف عملية السلام من مضمونها الأساسي في إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

الخيارات الإسرائيلية الحالية :

نتانياهو حائر بين  قناعاته الأيديولوجية بأرض إسرائيل الكاملة والبراغماتية السياسية ، بأن هذا الصراع غير قابل للحل، إنما إدارته فقط والوقائع السياسية المحلية والإقليمية والدولية الضاغطة واستحالة مواجهة إيران وطموحاتها النووية أو العزلة الدولية المتفاقمة ضد الدولة العبرية أو الأخطار والتحديات الأمنية الناجمة عن تفاعلات الثورتين السورية والمصرية بعلاقات باردة أو رؤى متناقضة مع واشنطن وبروكسل والمجتمع الدولي بشكل عام (23) وهو قد يناور كما فعل عند العودة للمفاوضات عبر إعادة تعويم مشروع “أرئيل شارون” للحل النهائي والقاضي باعتبار جدار الفصل بمثابة الحدود الشرقية للدولة العبرية مع الانسحاب من ثمانين بالمائة من أراضي الضفة والاحتفاظ بوجود عسكري طويل في غورالأردن كما بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل وشطب حق عودة اللاجئين عن جدول الأعمال والموافقة بالمقابل على دولة فلسطينية مقطعة الاوصال ومنزوعة السلاح مع سيطرة – ولو غير مرئية على حدوها (24)ومعابرها وأجوائها .

-الحل الآخر يتمثل بالانسحاب من عشرين بالمائة من مناطق من أجل قيام دولة فلسطينية بحدود مؤقتة على قرابة ستين بالمائة من أراضي الضفة مع تسهيلات أو إغراءات اقتصادية وتأجيل ملفي القدس واللاجئين، والحدود النهائية إلى مدى زمني طويل نسبياً يتم العمل خلاله على تنمية الدولة الفلسطينية وتحسين أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية وخلق مناخ مؤاتي أكثر أمام التوصل إلى حل نهائي يحسم في القضايا المؤجلة الصعبة والحساسة(25).

2-فلسطينياً، أمام هذا الاستفحال الصهيوني لم تجد سلطة “رام الله” في يدها، من وسائل للرد، سوى الاحتجاج والامتناع عن العودة إلى طاولة المفاوضات طوال الفترة الماضية، (26) فلم تنجح بكبح الاستيطان لان الخلافات الداخلية بين حركتي “فتح” و”حماس” قضت على آمال الفلسطينيين في التوصل إلى دولة مستقلة وخاصة بعد الاعتراف الدولي بعضوية فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة  عام 2012 ، بالرغم من الاعتراض الأمريكي (27). لا يزالون يتقاتلون فيما بينهم وكأنهم غير واعين بأن قضيتهم تضمحل أمام أعينهم. لقد أدى هذا الصراع  بينهما إلى دمار الفلسطينيين بشكل لا سابق له منذ بداية مواجهاتهم التاريخية مع الصهاينة (28) .  لقد أصبح الخلاف الفلسطيني سيد الموقف، والصراع على السلطة هو الطاغي على جميع الأوراق التي فقدت للضغط على متابعة سير عملية السلام المقبلة.

– أما موقف حركة حماس لاتزال رافضة لأي عملية تسوية والدخول في أي مفاوضات مع إسرائيل، وعبرت عنه إثناء العرض العسكري في قطاع غزة  مع بعض الفصائل الأخرى ب6سبتمبر \ايلول\2013، وعلى لسان القيادي موسى أبو مرزوق (29) :” بان الشعب الفلسطيني لم يخوّل أحدًا من أجل التفاوض على ثوابت الأمة، داعيا السلطة الفلسطينية قطع التفاوض والعودة لأحضان الشعب والتمسك بثوابته مؤكداً أنه لم يبق خيار أمام الفلسطينيين إلا المقاومة مهما كلفهم ذلك من أثمان ، مذكرا بأن اتفاق أوسلو أنهى الانتفاضة الفلسطينية، ووضع بذرة الانقسام في الساحة الفلسطينية (30).

 المفاوض الفلسطيني:

يعتبر الموقف الفلسطيني أكثر وضوحاً، ولكن في اتجاه معاكس لجهة الرفض التام لأي حلول مرحلية والتمسك بحل نهائي وفق القرارات الدولية والمبادرة العربية أي دولة على كامل حدود حزيران \يونيو\ 67 عاصمتها القدس مع تبادل أراضي بحدود اثنين بالمائة(31) ؛ وربما يتم توسيعه ليصل إلى( خمسة أو ستة بالمائة وفق طرح رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أهود أولمرت).

الدولة الفلسطينية:

طلب المفاوض الفلسطيني بدولة في حدود 1967- التي لأتزيد عن 22% من مساحة فلسطين التاريخية ، تكون القدس الشرقية عاصمة لها وان تكون قابلة للحياة ومتصلة وغير مجزأة بطرق التفافية وكتل استيطانية وجدار عازل مع إمكانية تواصلها مع العالم عبر موانئ ومطارات ومنافذ برية.

والجانب الإسرائيلي يوافق بشرط أن يسمح للسلطة الفلسطينية بممارسة سيادتها في حدود تضمن لإسرائيل الأمن ويبعد عنها أي تهديد محتمل ،كما ان الطرف الإسرائيلي لم يعلن صراحة وبدقة عن مساحة الأراضي التي سيتركها للفلسطينيين لإقامة دولتهم(32).

إن نجاح أو فشل المحادثات يتوقف على هذه القضية فإبرام اتفاق سلام لن يتم دون أن يتحقق حل الدولتين ، لكن المشكلة الحقيقة تكمن في قدرة الإسرائيليين على تقديم تنازلات والانسحاب من الضفة الغربية ،خاصة أن مشاريع الحكومات الإسرائيلية المتتالية تكاد تقضي على أي إمكانية لحل الدولتين(33).

أزمة  التفاوض  :

 ترفض إسرائيل الانصياع للقانون الدولي فيما يتعلق بحقوق السكان الأصليين غير اليهود في ممارسة واضحة للتمييز الديني والعرقي ، ويمنع السكّان الأصليون من المسيحيين والمسلمين الفلسطينيين من العودة إلى منازلهم (34).

رفضت إسرائيل في كامب ديفيد بحث قضية اللاجئين معتبرة أنها لا تتحمّل أية مسؤولية عن إيجاد حل  للمشكلة اللاجئين أو حلها. في كانون الأول 2000، تبنّى الرئيس الأمريكي كلينتون من خلال “مقترحات كلينتون” مفهوم حرية الاختيار لكنه استثنى الخيار الأكثر الحاحاً وهو السماح للاجئين باختيار العودة إلى إسرائيل. مقترحات كلينتون ألغت فعلياً الحقوق القانونية للاجئين الفلسطينيين. وفي مفاوضات “طابا” واصلت إسرائيل الضغط على الفلسطينيين للتخلي عن حق العودة.  لكن لن يقبل الفلسطينيون بأن يكونوا أول شعب في التاريخ يُجبر على التخلي عن حق العودة.

الأفكارالانقساميّة فلسطينيا :

الدعوات في الفضاء الفلسطيني الداخلي والخارجي لتكريس الانقسام   وتتلخص بالتالي :

-الدعوة إلى إعلان قطاع غزة “إقليمًا متمردًا” تزامناً مع دعوة إسرائيليّة مشابهة وتجاهل لما يَجمع الفلسطينيين، وكونهم شعبًا واحدًا رغم كل خلافاتهم  يواجهون عدوًا واحداً واحتلالا يواجههم جميعًا.

-الدعوة إلى إقامة كونفدراليّة بالرغم من عدم إمكانيّة قيامها، لأن الدولة “القائمة” لا تزال قرارًا أمميًّا، ولم تتجسد على الأرض، وبالتالي لا سيادة حقيقيّة لها.

-الدعوة إلى إدارة الانقسام عبر تنسيق متعدد الأشكال منتظم أو غير منتظم  من دون أفق سياسي موازٍ؛ يركز على إعادة بناء وإصلاح منظمة التحرير.

-الدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسيّة وتشريعيّة بمن حضر، بغض النظر عن موافقة “حماس” ،أو أي أطراف أخرى، فالانتخابات ستعقد وفق التمثيل النسبي الكامل فالقائمة ستضم مرشحين من غزة، ويمكن أن يساهم الناخبون الغزيّون في الانتخابات عبر البريد الإلكتروني.

فالدعوات السابقة تكرس الانقسام وتحوّله إلى انفصال دائم، وتتعامل مع الانتخابات كآليّة لحسم الصراع، وليس كأداة من أدوات الصراع مع الاحتلال، ولتجسيد الوحدة في إطار تنافسي تعددي موحد.

الدعوات لإنهاء الانقسام :

-دعوة إسماعيل هنيّة إلى إجراء انتخابات محليّة ونقابيّة وقطاعيّة، وإلى إشراك الفصائل الأخرى في حكم قطاع غزة، بالرغم من أنها يمكن أن تكون “مناورة”، إلا أنها تستحق الاختبار، ودراسة إمكانيّة التعديل والتغيير والبناء عليها.

-الدعوة إلى اللجوء إلى منظمة التحرير لحل مسألة تآكل شرعيات الرئيس والسلطة، بحيث تُمدَّد ولايّة الرئيس من خلال عقد المجلس المركزي أو اتخاذه قرارًا لذلك.

-مبادرة حزب الشعب الداعية إلى تشكيل “مجلس تأسيسي” للدولة الفلسطينيّة، ينسجم مع القرار ألأممي بالحصول على “الدولة المراقبة”، ويضم أعضاء المجلسين المركزي والتشريعي، بحيث يتولى إدارة المرحلة إلى حين إجراء انتخابات عامة.

-السعي إلى فتح جميع المعابر المحيطة بقطاع غزة، وخصوصًا “معبر رفح”، عبر تولي “الحرس الرئاسي” المسؤوليّة عنه، كممثل للسلطة الشرعيّة المعترفُ بها من الحكم في مصر والمجتمع الدولي.

-الدعوة إلى تفعيل عمل “لجنة الحريّات” حتى تواصل عملها، ووقف الحملات الإعلاميّة والاعتقالات ومنع السفر وإغلاق المؤسسات والفصل الوظيفي على خلفيّة سياسيّة.

-الدعوة إلى تسجيل الناخبين لانتخابات المجلس الوطني، خصوصًا المقيمين في الشتات.  حتى تكون منظمة التحرير قولا وفعلا هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.

-الدعوة إلى تطبيق الاتفاقات كرزمة واحدة؛ أو تطبيقها بشكل انتقائي، مثلما حدث في “إعلان الدوحة” والجداول الزمنيّة بعده التي ركّزت على تشكيل الحكومة وإجراء الانتخابات، وأهملت الملفات الأخرى.

-الدعوة إلى أن ينصب الجهد الفلسطيني على مسارين مترابطين متوازيين يسيران جنبًا إلى جنب:

المسار الأول: العمل من أجل تحقيق المصالحة الوطنيّة على أساس إعادة بناء وإصلاح وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير، سواء تحققت الوحدة أو على طريق تحقيقها، بما يكفل الوصول إلى وحدة التمثيل والقيادة والبرنامج، وتوحيد مؤسسات السلطة المدنيّة والأمنيّة في الضفة والقطاع.

المسار الثاني: العمل على بلورة سياسات وطنيّة وحياتيّة تتعلق بالترتيبات والإجراءات التي يمكن التوافق عليها بين السلطتين في الضفة والقطاع، من خلال مساهمة خبراء وسياسيين يمثلون مختلف ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، حتى تحكم هذه السياسات الوطنيّة الوضع في غزة والضفة في ظل استمرار الانقسام وبما يساعد على إنهائه.

كل هذه الدعوات تعمد إلى تصليب  ورقة المفاوض الفلسطيني في امتلاك أوراق إضافية في سير المفاوضات  وتصليبها (35).

المواقف التي لها علاقة بعملية التسوية الفلسطينية –الإسرائيلية :

1-عربياً، ساد جو المحاور والانقسامات “العربية – العربية” ، من خلال الصراعات الداخلية التي تعاني منها الأنظمة العربية الرسمية. ليسيطر الحراك العربي  الجديد على اغلب الدول العربية  التي دخلت في خلاف داخلي حاد ، لان الشعوب العربية تعاني من مشاكل شتى ابتداءً من الجوع والفقر انتهاءاً بالديمقراطية، والحرية و التي أصبحت على مسافة شاسعة بينها وبين أنظمتها ، مما اضعف التضامن العربي والتكاتف والضغط على المجتمع الدولي للمضي بتطبيق مبادة السلام العربية،وبالرغم من ذلك أكدت اللجنة الوزارية العربية المتابعة لعملية السلام بالإجماع الموافقة على متابعة المفاوضات وصولا للتسوية .

2-روسيا :دعا الرئيس بوتين ولايزال يدعي إلى بذل كل الجهود لتفادي العنف المتزايد ،وبناء الثقة. وأوضح بان روسيا مستعدة  للمشاركة في جهود إحلال السلام بالقدر الذي يقبل به الطرفان وأكدت روسيا دوما على إعادة إحياء روح التفاوض بين الطرفين والحوار مجددا للتوصل إلى تسوية فعلية وفعالة ،وإذ ترى ان  توقف المفاوضات  لا يفتح أي أفاق  من اجل التسوية الحقيقية ، مؤكدة استعدادها للتعاون مع كل الأطراف المعنية من اجل إقامة سلام عادل.

 فالموقف الروسي الرسمي بالنسبة لمتابعة المفاوضات الحالية  قد حدده  رئيس الوزراء الروسي دميتري مديفيديف في اللقاء الذي جمعه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في موسكو في 14 مارس\آذار\ 2013، ”  بان روسيا ستدعم على الدوام جهود السلطة الفلسطينية لإقامة دولة قوية وعصرية ،وستساعد على إحلال سلام راسخ في الشرق الأوسط.

فزيارة نبيل شعت إلى موسكو 17 تموز كان هدفها وضع الروس بأجواء المبادرة الأمريكية وإعلام الروس عن كافة التفاصيل كي لا يكونوا غائبين ومغيبين عن أي مبادرة تقدم وتفقد الفلسطينيين غطائهم.

أما زيارة صائب عريقات في 22 أغسطس \أب\2013 كان هدفها الأساسي وضع موسكو بجو سرية المفاوضات، بظل الضغط الأمريكي التي تمارسه على حليفتها إسرائيل وعلى الفلسطينيين، من خلال تصريحه بأنه:” ليس بيننا وبين روسيا أي أسرار”.

3-ايرانيا “ساهمت  إيران في  إجهاض عملية السلام ،من خلال دخولها بقوة  على المنطقة العربية ، وبشكل مباشر من خلال الإمساك بملفات  إستراتيجية : (كالبنان، فلسطين، العراق، السودان، وسورية  الخ …) (36) ، واللعب على الخلاف “العربي – العربي” من أجل تحسين شروطها في المفوضات التي تخوضها مع الغرب من أجل الحصول على قوة نفوذ لها على الخارطة السياسية العربية. إيران التي استخدمت “القضية الفلسطينية”كعلاقة مفاتيح ” ومن ناحية أخرى فإنها تستعمل الخلاف العربي الداخلي المتمثل بين الشعوب العربية وأنظمتها،  والخلاف المذهبي بين المسلمين (37)، من أجل إحراج  الجميع.  مما أعطى مبررا إضافياً لإسرائيل ولأمريكا في عدم المضي في عملية السلام.

 فالمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي الخامنئي عبر بخطبته في عيد الفطر 2013، بان مفاوضات التسوية بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني لن تفضي إلى نتيجة غير ما أدت إليه المفاوضات السابقة، واصفا المفاوضات التي تجري بوساطة أمريكية، بأنها “مفاوضات تدعم الصهاينة وستؤدي إلي ازدياد الظلم ضد الشعب الفلسطيني”، مؤكدا  بان فلسطين لازالت تعاني،  وبعد 65 عاما من احتلالها، من الظلم والإجحاف بشكل يومي ومستمر وان القوى المهيمنة التي تدعي أنها تدعم الديمقراطية هي في الحقيقة تقدم الدعم للجناة . فالمفاوضات تسير هذه المرة بمعزل عن إيران بسبب الحالة التي تعيشها المنطقة وضعف فرضت عليها إن تبدي رفضا دون أي عمل ميداني يعيق مسار المفاوضات (38).

لكن موقف السيد حسن نصرالله كان واضحا لجهة رفض التفاوض من خلال الموقف  الذي إعلنه في  يوم القدس ب 2 أب 2013 بقوله :” نحن شيعة علي بن أبي طالب في العالم لن نتخلى عن فلسطين وشعبها ومقدسات الأمة في فلسطين”، مؤكدا على الدور الإيراني والسوري في دعمهما للقضية الفلسطينية والمقاومة مما أدى بإلحاق الهزيمة بالكيان الصهيونية .وهذا موقف جديد  في أدبيات الحزب الدخول في مذهبية فلسطين بسبب المأزق الحقيقي لإيران في تعاملها مع الأكثرية  العربية السنية في سورية.

اتفاق أوسلو:

انعقد اتفاق أوسلو بين الفلسطينيين  والإسرائيليين برعاية مستقلة نرويجية من العام  1993 وبعد عشرة جولات سيطرت عليها السرية بين الوفد الفلسطيني الذي تم تشكيله من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي بررت إسرائيل الجلوس مع الوفد  بأنه لم تلطخ أيدهم بالدم ، فالتفاوض السري بين الطرفيين خلال عشرة شهور أدت إلى انجاز مسودة ، تحت اسم وثيقة إعلان المبادئ(39 ).وقد انقسمت الوثيقة إلى ثلاثة أمور حسب رأي أبو مازن محمود عباس المفاوض السابق في اوسلو، ورئيس السلطة الفلسطينية الحالية(40):

  1- إعلان المبادئ،

2- برنامج التعاون والعمل ،

 3- ولحظة ألمواجهه لخطة مارشال،.

وحسب وجهة نظر محمود عباس بان هدف المفاوضات التي بدأت في أوسلو للوصول إلى ترتيب سلطة حكم ذاتي فلسطيني انتقالي. فالمشروع الذي تم الاتفاق على نقاط وبقيت نقاط عالقة لم يتم الاتفاق عليها رحلت إلى ما بعد الاتفاق ،لكن الاتفاق النهائي  الذي تم التوقيع عليه سريا دون علم احد ،وينص على أن تكون غزة وأريحا البداية،وبعدها مناطق أخرى لغاية العام 1995 (41).بظل هذه المقاوضات التي اعادة الحاور من جديد الى طاولة الحوار يبقى السؤال قائما امام كل المحللين والمتابعين للشأن الفلسطيني ،باننا امام اوسلو جديد ومختلف (42).

أسباب فشل عملية  التسوية  :

لقد فشلت اتفاقية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ودخلت في سبات  عميق، بعدما تقدمت في بدايتها تقدما رائعا وكادت تحقق انجازا تاريخيا ، لكن عدم استطاعة الفر قاء الراعين للتسوية من  إجلاس الطرفين على طاولة المفاوضات مجددا بما فيهم روسيا  تعود للأسباب التالية(43)  :

1-من القواعد الأساسية في صنع السلام الحقيقي إن يكون الوسيط حياديا قدر المستطاع ،فالتعاطف المفرط مع هذا الفريق أو ذاك يعوق الوسيط في لعب دوره الحقيقي ، لقد استطاع النرويجيون أن يجمعوا الإسرائيليين والفلسطينيين في عملية سرية أدت إلى اتفاق أوسلو  سنة 1993 ،لأنهم كانوا متحررين من المنفعة الذاتية والانحياز ،وما من شك في امريكا حاولت ،في بعض المناسبات ، أن تتفاعل مع الاقتراحات العربية والفلسطينية ،فالإدارات الأمريكية تحاول  البحث عن حل سياسي دائم للمشكلة الفلسطينية –الإسرائيلية ، لكن تعاطفهم الزائد مع إسرائيل افشل كل المحاولات ولا يمكن المراهنة على هذه المحاولة الحالية ولاحقا “لم يستطع  أوباما العمل على تجسيد خطابه الواعد بانجاز دولة فلسطينية عام 2011” .

2-  الروس راع ضعيف وهش  للسلام بسبب مشاكل روسيا الداخلية  بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتخليهم طوعيا عن مسؤوليتهم العالمية  اتجاه أصدقائهم، مما ترك الفراغ للوسيط الأمريكي ،الذي فشل بالواسطة بالرغم من إصرار إدارة الرئيس  اوباما الحالية على استئناف المفاوضات مجددا.

3- التعنت الإسرائيلي والإحساس بالقوة التي استمدت من الانتصارات العديدة التي سجلوها ضد العرب والفلسطينيين بمساعدة الحليف الأمريكي ،مما ساعدها على الدخول في مفاوضات مدريد من مبدأ القوة والنشوة بالنصر المستمر لقد تجاهلت إسرائيل القانون الدولي المتعلق بالأرض المحتلة وكل قرارات الأمم المتحدة التي صدرت بعد حرب 1967،

4- ممارسة إسرائيل بمساعدة أمريكا وغياب الدول الاخرى بفرض واقع جديد في الضفة الغربية وقطاع غزة من بناء المستوطنات إلى الحصار الاقتصادي، وشبكات الطرقات، والسيطرة على مخزون المياه، تطويق القدس بالمستوطنات اليهودية، وتوفير الأراضي المقتطعة حديثا للمهاجرين الروس الجدد.

5-الضعف الفلسطيني  من خلال الهزائم العديدة التي تلقاها العرب والشعب الفلسطيني الذي سيطر على ممثلي  المنظمة في أول لحظة دخولهم إلى” مدريد واسلوا” ، مما ترك أثاره في بنود الاتفاق وتملص الجانب الإسرائيلي من الالتزام بتطبيقها والتي جعلت المفاوض الإسرائيلي يتمسك بكل الأوراق.

6- الشلل العربي بسبب غياب التضامن العربي الذي ساده جو من الانقسامات والأحلاف بسبب مشاكل خاصة ، والتأثير الإيراني على المنطقة وانهيار الاتحاد السوفياتي واتفاق كامب ديفيد ،مما أفاد إسرائيل وساعدها بممارسة القوة والعنف ضد الشعب الفلسطيني.

  7-غياب الإستراتيجية العربية في التعامل مع مفهوم الحرب والسلام وبالتالي خروج مصر والأردن عن الإجماع  وثم احتلال العراق،وضع العرب في موقع الدفاع وليس الهجوم(44) .

8-  نمو الأصوليات اليهودية والإسلامية التي اجتاحت المنطقة في أواخر القرن العشرين ساهم بتطرف الشارع أكثر فأكثر، والارتماء وراء قوى متعصبة غير جاهزة حاليا لفكرة السلام وتبني مفهوم الدولتين العربية والعبرية(45).

إضافة إلى مجموعة كبيرة من العوامل التي فرضت نفسها على تعتر عملية السلام والذهاب نحو التسوية الشاملة ..

أمام المفاوضات ثلاثة سيناريوهات أو احتمالات(46):

الاول : فأما أن يتم التوصل إلى اتفاق سلام نهائي وحاسم، وهو الخيار الذي يفضله الأمريكيون والفلسطينيون – شرط أن يأتي متطابقاً مع تطلعاتهم، ولو بحده الأدنى .

الثاني : التوصل إلى حل مرحلي يلحظ إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود مؤقتة على أن يتم التفاوض على القضايا الصعبة أو شكل الحل النهائي ضمن مدى زمني معين ومحدد، هذا الاحتمال يرفضه الفلسطينيون بشكل قاطع.

الثالث : يتمثل بفشل المفاوضات من الخروج بحل أو اتفاق نهائي أو مرحلي، وهو ما يفضله الفلسطينيون في حالة عدم تلبية تطلعاتهم في الحصول على دولة مستقلة ضمن حدود حزيران 76 مع القدس عاصمة لها وحل عادل لقضية اللاجئين، ولا يرفضه الإسرائيليون خاصة إذا ما ظل نتانياهو وفياً لقناعاته عن أن الصراع غير قابل للحل، وإنما الإدارة أو المعالجة فقط حسب التعبير الحرفي لحليفه المقرب زعيم حزب إسرائيل بيتنا “أفيغدور ليبرمان”.

خلاصة البحث :

ففي كل محطات التاريخ تبيّن أن “إسرائيل”(47)، هي التي كانت تمنع السلام وليس العرب، و أيضاً تجربة الرئيس الفلسطيني “ياسر عرفات”، مع محيطه والسعي الحقيقي للسلام ، فعلى الشعب الإسرائيلي والقادة ، إن يعرفوا ويعو جيدا، ان  لا سلام  دون  إقامة دولة  فلسطينية  تتضمن  القدس  واللاجئين  وحدود عام  1967،  وخاصة بظل التغيرات التي حصلت في العالم العربي وسيطرة الشعوب على مقاليد السياسة فالتعنت والتطرف  لن يخدم إسرائيل وقادتها طويلا ، وهنا تبرز أهمية  المبادرة العربية للسلام التي طرحها الملك عبدالله في قمة بيروت عام   2002 والتي تبنتها الدول العربية والإسلامية، في منظمة القمة الإسلامية في طهران عام 2003،  وتبنت المبادرة بالإجماع ، دون اعتراض من دول الممانعة  ، ولاتزال  المبادرة هامة وحاجة ضرورية  لاستكمال عملية السلام بالرغم من التلويح بسحبها عن الطاولة إذا لم تتفاعل إسرائيل معها، ومن هنا جاء رد فعل “الملك عبدالله ” بان المبادرة العربية للسلام لن تبقى طويلا على الطاولة. لكن عيبها الوحيد ، هو  في  تسويقها  الجيد ، عالمياً ، من اجل الضغط  الدولي  عليها ، وعدم  تحديد سقف  زمني للمبادرة ، لكي تلتزم إسرائيل والعالم بتطبيقها. 

فإن أسلوب التطرف والتعنت المتبع في السياسة الإسرائيلية ،لن يحقق شيء،  ولن يصل إلى حل، فإن إسرائيل تسارع إلى تهويد القدس وقضم أجزاء من  المسجد الأقصى ، والمزيد من هدم المنازل العربية، في القدس، والحفر المستمر،من أجل إيجاد معلومة تاريخية تؤكد هوية إسرائيل التاريخية، و بناء المستوطنات اليهودية في عملية تقطيع الأراضي الفلسطينية، التي يجب أن تبنى عليها الدولة المستقبلية، فإن هذا الوضع لا يحل المسائل المختلف عليها اليوم  ، لقد انبثت الحرب الأخيرة التي خاضتها إسرائيل، على قطاع غزة عام  و2009-2012 وما أفرزته من نتائج في المجتمع الإسرائيلي والفلسطيني، معاً تدل على مدى عمق الفشل التي وصلت إليه “عملية السلام”، والتي تؤكده يوما بعد يوم، الحرب الاقتصادية ضد الفلسطينيين وسياسة التجويع المستمرة، والمجازر اليومية ،بحق الشعب الفلسطيني.

ان أي اتفاق وأي مبادرات دولية لا تحمل في طياتها العناوين الهامة والأمور العملية الداعمة للسلطة الفلسطينية من أجل تحقيق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في “الضفة الغربية وغزة”، و تحقيق سلام شامل وعادل ودائم بالمنطقة أيضا، على مرجعية القرارات الدولية، والتي ينبغي أن تقوم على أساس المبادئ التي تم الاتفاق عليها في مدريد، بما في ذلك “مبدأ الأرض مقابل السلام”، وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أرقام 242 و338 و1397 و1515، إلى جانب مبادرة السلام العربية، وخطة خارطة الطريق، والاتفاقات السابقة التي تم إبرا مها  بين الأطراف المعنية، ” السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل” سيكون مصيرها الفشل .

 وعلى الدول الراعية لعملية السلام بما فيها الدول الأوروبية لاحقاً دعم مؤسسات هذه الدولة المستقلة،في كافة المجالات، لتغيير حياة الفلسطينيين الذي يساهم ببناء مشروع سياسي واجتماعي ومؤسساتي في المجتمع الفلسطيني يخفف من كل القيود المفروضة بما فيها قيود السلطة ،والعمل على دعم المفاوضات بين الجانبين، وما يستنتج  عنها، دون التدخل من جانبها، بما يتفق عليه الطرفان الفلسطيني – الإسرائيلي(48).

    فإذا لم يكتب النجاح لإعادة إحياء عملية السلام من خلال التكاتف العربي والإسلامي من أجل الضغط الدولي، سوف تعمل إسرائيل على تنفيد المخطط الرهيب الذي  يرسم للمنطقة حسبما يحكى خلف الكواليس، في  تصفية القضية الفلسطينية  نهائياً وليس تسويتها، بحيث تبقى يد إسرائيل هي العليا في منطقة الشرق الأوسط، ويتم طرد الفلسطينيين من ديارهم، وإلحاقهم ، بكل من مصر و المملكة الأردنية ، كما كان عليه الوضع قبل 5 من “يونيو” حزيران عام 1967م، و هنا الخوف المصري والعربي “العروبي ” من محاولة تحويل فتح بوابة رفح الحدودية، تنفيذاً للمشرع الإسرائيلي المذكور والتخلي الصهيوني عن الواجب ،الدولي ، باتجاه الفلسطينيين ، كسلطة احتلال للقطاع وتحميل المسؤولية الكلية  لمصر ” أما قضية اللاجئين، فسوف يتم حلها على أساس التعويض، من خلال إنشاء صندوق عربي – دولي لتعويض من يقبل من اللاجئين عن ممتلكاتهم وأراضيهم، وسيتم ترحيل فلسطينيي لبنان إلى دول أوروبية بعد التفاهم مع هذه الدول وبعد تعويضهم أيضاً، سيبقى الفلسطينيون في المهاجر كما هم عليه، وستبقى المقدسات الإسلامية في مدينة القدس تحت حماية السلطات الأردنية كما هي عليه الآن، دون أي سيطرة على أي أجزاء منها، وسيقبل بوجود أقليات فلسطينية محيطة بالحرم القدسي الشريف، وعلى ضوء هذا التصور، وما رشح منه في الإعلام يكون قد تم تصفية القضية الفلسطينية وليس حلها، وستنام هذه القضية عشرات أخرى من السنين قبل أن تخرج للعلن مرة أخرى، وهذا ايضاً مرتهن بموازين القوى فلسطينياً وعربياً ودولياً، وكما يقول المثل الفلسطيني:” بكرة بذوب الثلج ويبان تحته المرج”..

 

المراجع والمصادر :

1- تقدير استراتيجي عن مركز الزيتونة عدد (59) – أيلول/ سبتمبر 2013: الجهود الأمريكية لإحياء عملية التسوية السلمية واحتمالات نجاحها:

http://www.alzaytouna.net/permalink/50105.html.

2- راجع الرجع نفسه تقدير الزيتونة رقم 59.

3-عريب الرنتاوي ،عشرون عاما على اسلو ما بعد الدولة، جريدة الدستور الاردنية 14،ايلول 2013.

4-مرزوق الحلبي ،الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وتغير المفردات ،جريدة الحياة اللندنية، 25ايلول، 2013

5-احمد جواد الودية ،السياسة الخارجية الامريكية تجاه القضية الفلسطينية 2001-2011،مركز الزيتزنة للدراسات والاستشارات ،بيروت 2013،ص67- 82.

6-عماد جاد ،اسرائيل ولقاء انابوليس العودة الى خارطة الطريق ،مجلة السياسة الدولية القاهرة ،مؤسسة الاهرام ،العدد 171 كانون الثاني “يناير”2007-2008،ص،.121

7-هادي قبيسي ،السياسة الخارجية الامريكية بين مدرستين /المحافظية الجديدة والواقعية الجديدة، “بيروت والقاهرة”، الدار العربية للعلوم ناشر ومكتبة مدبولي، 2008 ص، 54- .56

8- احمد جواد الودية ،السياسة الخارجية الامريكية تجاه القضية الفلسطينية 2001-2011،مركز الزيتزنة للدراسات والاستشارات ،بيروت 2013،ص 85.

9- عريب الرنتاوي ،اسرائيل تفاوض نفسها ، جريدة الدستور الاردنية   13اب، 2013.

10 . يزيد الصايغ ،  اسلوا بعد 20 عاما اخرى، جريدة الحياة اللندنية، 19 ايلول 2013.

11- تقدير استراتيجي عن مركز الزيتونة عدد (59) – أيلول/ سبتمبر 2013: الجهود الأمريكية لإحياء عملية التسوية السلمية واحتمالات نجاحها:

http://www.alzaytouna.net/permalink/50105.html.-

 12- نايف حواتمي والمكتب السياسي تقرير :قضايا الجديد الديمقراطي :”المقدم الى اجتماع اللجنة المركزية للجبة الديمقراطية لتحرير فلسطين 15 شباط -3اذار 1990. ص،69-70.

-13-جيفري ارونسون ، سياسة الامر الواقع في الضفة الغربية “اسرائيل والفلسطينيون من حرب 1967الى الانفاضة ، “جامعة البحرين، مؤسسة الدراسات الفلسطنية”، بيروت ،1995،ص326.

12- 14-نايف حواتمي والمكتب السياسي تقرير :قضايا الجديد الديمقراطي :”المقدم الى اجتماع اللجنة المركزية للجبة الديمقراطية لتحرير فلسطين 15 شباط -3اذار 1990. ص،69-70.

15- شمعون بيريز، الشرق الأوسط الجديد،ترجمة محمد حلمي عبد الحافظ ،الأهلية للنشر والتوزيع ،عمان الطبعة الأولى 1994،ص7.

16- يفغيني ديمترييف،السادس من اكتوبر1981، ترجمة موفق الدليمي، موسكو دار التقدم، 1990،ص10.

17- نبيل عمرو،الف يوم في موسكو،1988-1993،دار الشروق،عمان 1995،ص 123.

18- ندى الشقيفي،حكومة نتانياهو الثالثة استكمال تهويد فلسطين، مجلة دراسة باحث،بيروت  ربيع-صيف،ص2013،ص،7-50.

19- جيمي كارتر، تحقيق السلام في الشرق الاوسط عبر الاستفتاءات ، جريدة الحياة اللندنية، 15 ايلول 2013 .

20- محمد حلمي عبد الوهاب، مقاربات أولية حول مفهوم الأصولية،جريدة الشرق الاوسط اللندنية ،30مايو” ايار “،2013.

21- بنياميين نتانياهو ، مكان تحت الشمس ، دار الجليل للنشر والدراسات الفلسطينية ،عمان،1995.ص389.

22-يحيز كيل درور،اسرائيل والدولة الفلسطنية والشرق الاوسط، مجلة دراسة باحث،بيروت  ربيع-صيف،ص2013،ص،139-.154

23 -راغدة درغام، سورية ساحة معركة روسيا مع الغرب والجهاديين،جريدة الحياة اللندنية ،14 يونيو 2013

21- 24- بنياميين نتانياهو ، مكان تحت الشمس ، دار الجليل للنشر والدراسات الفلسطينية ،عمان،1995.ص389

-25-يحيز كيل درور،اسرائيل والدولة الفلسطنية والشرق الاوسط، مجلة دراسة باحث،بيروت  ربيع-صيف،ص2013،ص،139-.154

26-راجح خوري، مسخرة المفاوضات وعقوبات ابومازن،جريدة النهار اللبنانية، 15اب ،  2013.

27- ماجد عزام، دراسة: استحقاق أيلول… الخلفيات.. الأهداف.. الآفاق مركز الزيتونة للدراسات والاتشارات  بيروت 02 اب 2012

http://www.alzaytouna.net/permalink/9160.html

28-عريب الرنتاوي ،حماس ومحمور الممانعةهل هي عودة الابن الضال ، جريدة الدستور الاردنية   05اب 2013

29- موسى ابو مرزوق ،حماس لم تتدخل في شؤون الدول العربية ، جريدة الحياة اللندنية، 15 ايلول .2013

 30-سعود المولى ،المقاومة الاسلامية الفلسطينية التباسات البدايات ،واقعية المسارات/مجلة الدراسات الفلسطينية بيروت 2013،ص،56-95.

31 -ماجد كيالي ،هل يتجه الفلسطنينون نحو اوسلو جديد، جريدة الحياة اللندنية، 17 ايلول 2013.

22-اياد مسعود ،هل بامكان المفاوض الفلسطيني العودة عن خطئه ،جريدة المستقبل اللبنانية،13 اب 2013

33-قيس عبد الكريم واخرون خارطة الطريق الى اين، “بيروت دمشق” دار التقدم العربي والدار الجديدة ،2004،ص 17

34-ماجد كيالي ،المآل التراجيدي للخطاب السياسي الفلسطيني، جريدة الحياة اللندنية، 19 ايلول 2013

35 – سميح عاطف الزين ،عالمية الإسلام ومادية العولمة ،الشركة العالمية للكتاب بيروت 2002،ص ،78 .

 36-د.خالد ممدوح العزي ،الدولة الفلسطينية :بين التفاوض الفاشل وسيناريوهات التسوية القادمة ،موقع  مجلة زمان الوصل الالكثرونية 12تشرين الاول 2013.

http://www.zamanalwsl.net/news/42035.html

37-عريب الرنتاوي ،مآزق حماس في داخلها اما في مصر ، جريدة الدستور الاردنية   17ايلول 2013

38-عريب الرنتاوي ،ايران وصفحة روحاني الجديدة ، جريدة الدستور الاردنية، 21ايلول .2013

39 -محمود عباس “ابومازن، طريق اوسلو موقع الاتفاق يروي الأسرار الحقيقية للمفاوضات ،شركة المطبوعات للتوزيع،بيروت، الطبعة الأولى 1994،ص،58.

40-مرجع نفسه، ص ،59.

41-مرجع نفسه، ص ،60.

42-مرجع نفسه ص،219.

43 – كولن تشابمن،ارض المعاد لمن؟ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي المستمر ، ،الشركة العالمية للكتاب ،بيروت،2004،ص464- 473.

44-فواز طرابلسي ،الديمقراطية ثورة ،دار رياض نجيب الريس ،بيروت  2012،ص ،73

45- ويليام فاف،   كيسنجر… وتهويل خطر الأصولية الإسلامية، مترجم جريدة الاتحاد الاماراتية 20 أبريل 2008

46-ما جد عزام ،المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية.. ثلاثة احتمالات لا رابع لها  ،جريدة المستقبل اللبنانية 20ايلول 2013

47 -رتشارد نيو ليبو ،لماذا تتحارب الامم دوافع الحرب في الماضي، ترجمة ايهاب عبد الرحيم علي /مجلة عالم المعرفة ،عدد 403 اب ،2013 ، ص،226.

48-اي اتش غومبر يتش، مختصرتاريخ العالم، ترجمة د.ابتهال الخطيب  ،مجلة عالم المعرفة الكويت ،عدد 400 ايلول ،2013،ص،336-338  

د.خالد ممدوح ألعزي.

كاتب وباحث مختص بالعلاقات الدولية والسياسة الخارجية

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …