انتهت الانتخابات في المفوضية الاوربية بفوز كاسح لأحزاب اليمين المتطرف الاوروبية على حساب الاحزاب لليبرالية المؤيدة للوحدة الاوروبية،وبحسب الخارطة السياسية الجديدة سيطرة الاحزاب المتشددة على اعلى نسب من المقاعد البرلمانية الاوروبية بيمنا احتفظت الأحزاب الكبيرة المؤيدة لأوروبا بالغالبية في انتخابات البرلمان الأوروبي، وكسبت 521 من أصل 751 مقعداً، لكنها فقدت جميعها بعضاً من قوتها لحساب أحزاب مناهضة لبناء القارة، أهمها في اليونان وبريطانيا والدانمارك والنمسا، فيما تحولت فرنسا إلى أكثر الدول الرافضة لأوروبا على رغم كونها من أبرز مؤسسي الاتحاد بتقدم “الجبهة الوطنية” (اليمين المتطرف) بزعامة مارين لوبان على سائر القوى السياسية.
وبظل هذا الصعود الصاروخي لهذه الاحزاب باتت أوروبا المهددة بنمو القوى المتطرفة مطالبة بمراجعة أطرها وأسلوبها، وإضفاء مزيد من الفاعلية على توجهاتها تحقيقاً لحلم الرفاهية والحرية الموعودة لشعوبها.
وفي حيث للمستشارة الألمانية أنغيلا مركل وصفت تنامي الأحزاب المتطرفة والقومية في القارة الاوروبية بأنها المشكلة الجديدة والمتجددة التي باتت تهدد الاتحاد ، ودعت إلى تنمية القدرة التنافسية في أوروبا والتوظيف لإفادة الناس وكسب الناخبين، مستدركة بأن هذا الأمر مناسب أيضاً لفرنسا التي تنفذ سياسة إصلاحات جيدة ستقودها إلى مزيد من النجاح والنمو.
لكن المفاجأة الكبرى التي اصابت التوجه الفرنسي الداعم والمؤسس للاتحاد الاوروبي الذي صبّ الناخب الفرنسي غضبه سياسة بلده والإشكاليات الداخلية التي تعيشها فرنسا بردة فعه على الانتخابات الأوروبية، ومنح 25 في المئة من أصوات الناخب الوطني لليمين المتطرف الداعي إلى الخروج من أوروبا، واستعادة سيادة فرنسا على أراضيها واقتصادها وطبعا هذه العملية الانتخابية التي ستكون لها صدها ليس في المجتمع الفرنسي وعلى الناخب الفرنسي بل سينعكس سلبا على الناخب الاوروبي الذي يرى بفرنسا العامود الفقري والداعم الاساسي لهذا الاتحاد .
وبهذا الاقتراع تخلى الناخبون الفرنسيون عن معادلة التناوب التقليدي على الحكم بين اليمين واليسار، فتراجع حزب “الاتحاد من أجل الحركة الشعبية” (اليمين المعارض) إلى المرتبة الثانية بنسبة 20 في المئة من الأصوات، في حين تقهقر الحزب الاشتراكي الحاكم إلى المركز الثالث 14 في المئة .
ويف المحللون والمراقبون لهره الانتخابات بأنها “كارثة”،فعلية ستتمثل فيها الجبهة الوطنية بـ 25 من أصل 74 نائباً يمثلون فرنسا في البرلمان الأوروبي، في مقابل 3 نواب يمثلونها حالياً، فيما كسب الاتحاد المعارض 21 مقعداً مقابل 13 مقعداً للاشتراكيين. وتوزعت باقي المقاعد على حزب الوسط المقرب من اليمين واليسار المتطرف وأنصار البيئة.
ومن جهته الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي دعا فورا الى اجتماعا طارئا لعدداً من وزرائه إلى قصر الإليزيه لاستخلاص الدروس من الانتخابات الأوروبية، علماً بأنه كان أجرى تعديلاً حكومياً بعد صفعة الانتخابات البلدية في آذار (مارس) الماضي.
لكن مسؤولو “الجبهة الوطنية”، فاعتبروا انتصارهم دليلاً على “إدراك الفرنسيين أخيراً من يدافع عن مصالحهم”، ودعوا إلى حل البرلمان، وصرحت ماري لوبان الشعب الفرنسي اكد لنا أنه لا يريد أن يُحكم من خارج الحدود عبر مفوضي الاتحاد الأوروبي والتكنوقراط غير المنتخبين،بل يريد الحماية من العولمة، وأن يمسك مجدداً بمصيره .
لكن في بلد الضباب الدائم لا تزال الشكوك مستمرة حول مستقبل بريطانيا في الاتحاد على المدى الطويل، كسب حزب “يوكيب” “الاستقلال” المناهض للوحدة الأوروبية والذي يطالب بانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد، 24 مقعداً، في مقابل 19 مقعداً لحزب المحافظين بزعامة رئيس الوزراء ديفيد كامرون، و20 مقعداً لحزب العمال المعارض.
ووصف زعيم الحزب الشعبوي نايجل فاراج النتيجة بأنها “الأكثر استثنائية في الحياة السياسية منذ أكثر من مئة سنة”.
اما في إيطاليا، اعتبر مراقبون ومحللون سياسيون فوز “الحزب الديموقراطي” اليساري بزعامة رئيس الوزراء الشاب ماتيو رينزي بنسبة 41 في المئة من أصوات الناخبين “انتصاراً حقيقياً وتاريخياً”، و “تتويجاً جديد لتجربة رائدة لزعيم شاب .
ومن جهة اخرى عاقب الناخبون حزب “فورزا إيطاليا” بزعامة سيلفيو بيرلسكوني، ولم يمنحوه إلاّ 17 في المئة من الأصوات، فيما لم يتجاوز تأييد حركة الكوميدي السابق بيبّي غريلّو 21 في المئة من الاصوات ، ما عُدّ بداية نهاية للمدّ الجماهيري لهذه الحركة الاحتجاجية والاعتراضية التي برزت بقوة قبل سنتين، وباتت الحزب الثاني في البلاد.
واعتبرت نتيجة رابطة الشمال الانفصالية بزعامة الشاب ماتيو سالفيني “انتصاراً حقيقياً” لليمين المناهض للأجانب، إذْ كسب نسبة 6.16 في المئة من مجموع الأصوات.
ووفقا لهذه النتائج التي حصلت عليها هذه القوى فان المزاج الشعبي في الدول الاوروبية يتجه نحو التطرف والتعصب،وخاصة بظل الاخفاق المؤسساتي الذي سيطر على قادة اوروبا، وفشلهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لشعوب هذه القارة ،وربما فكرة الانفصال بدأت تروج فعليا بين السكان لحل الازمات الاقتصادية العالقة والمتفاقمة امامهم.