%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%B12 أوكرانيا

التطرف والتسامح مضادين يُزاحم كل منهم الاخر

عامر العروقي / قد يتلخص ما أريد قولهَ في هذه المقالة بعنوانها  ، إن غياب التسامح يعني ظهور التطرف وكذلك العكس فأن غاب التطرف يعني نهوض التسامح ، وما اقصده من كلمة نهوض أي ان التسامح ليس صنعنا نحن البشر فكل ما نمتلكه مقومات النهوض به وهو بحاجة لتدعيم ركائزه بحشد وتربية أجيال تتعايش على فكرة التسامح لا فكرة نفي الاخر ، اما التطرف وفكرته ما هما الا افكار خائبة خبيثة تتجلبب دوماً بجلاليب الاديان السماوية  تدعو البشر للتعصب والعنفوان رفض العفو الاستعلاء على رجاء الغفران.

يمكن لنا ان نعرف اصطلاحاً ( التسامح ) بأنه يقوم على فكرة التعايش و تجاوز سبل الانقسام الذي أساسها الدم أو الرابطة القومية أو الدين أو الطائفة أو العشيرة أو غيرها من الناحيتين النظرية والأخلاقية على أقل تقدير ، وفي أوقاتنا العصيبة هذه ، حيث يأتينا التطرف في مرتبة الموت وتذهب الحياة، وحيث يحاصرنا العنف من كل صوب وحدب،  ويدفع الأبرياء في كل مكان ثمن فوضى وفاتورة الحروب والصراعات ، كما ان مقاومة السلطة أو المحتل الداعم للتطرف اصبحت مجرد صورة أخرى ربما أكثر تشوها من ممارسات السلطة والمحتل، إذ غدت المقاومات تستهدف الضحايا عوضاً عن أن تستهدف الجناة.

وبما ان الامم دوماً تبحث عن الامن والاستقرار والطمأنينة النفسية الداخلية النابع من الثقة والثقافة البشرية التي تتعايش على التسامح السلام ، وليس ثقافة الارهاب والتطرف الرافض للعرق والدين والقومية والذي يحول بين البشر بدون حلول ، غير انه ينذر بكارثة انسانية وتهدد للعرق البشرية بكل انواع واختلاف دمائه وقوميات ، ومن خلال المقدمة وكما قلنا انفاً ان التسامح والسلام ما هي الا هبة مزروعة في نواة البنائية للنفس البشرية فهي تحتاج لاستفزازات محيطة كي تطفو الي السطح ، وما امس البشرية الي لغة حوار مشتركة بيني علي التسامح ، فالأديان تصالحت فيما بينهم وانتقلت من عهد هدم العقائد الي عهد عنوانه حوار الاديان وحوار رجال الاديان الذي اصبحوا يقدمون نموذجناً يحتفى به ، واليوم وكعنوان اخر لبشرية تتشارك بقيمها الموحدة الا وهي الانسانية وبغض النظر عن التباينات الفكرية والأيديولوجية الاخرة ، فألام قبل الاديان صنعت حضارات على مر السنين فكانت تبحث على الطعام فأكلت عن الملبس فوجدت عن الاستقرار فاستقرت ونبت وعمرت وحولت الارض الي مبيت ،

نمت في الآونة الاخيرة فكرة المجلس العالمي للتسامح والسلام وجاءت الفكرة في الوقت الي تعم فيه الفوضى بعالمنا من أخطار وكوارث طبيعية وصلت الي كحد التهديد بين دولتين يمتلكان السلاح النووية لكن تصافح الزعمين وتجاوزهما عن حواجز الانقسام حال دون وقوع الكارثة ، جاءت ايضاً في الوقت الذي يحاصرنا التطرف الفكري والتعصب القبلي والقومي والشعبوي من كل حدب وصوب ، اختار القائمين على المجلس ان تكون الدولة الملطية مقر للمجلس وهي الدولة التي لطالما استقبلت المنفيين وهي الدولة التي عاصرت ومازالت تعاصر الحضارة الشرقية والغربية لقد تأسس المجلس كتعريف علمية لمصطلح التسامح والسلام الذي لطالما بقي مجمداً الا ان اتى التطرف وافض الغبار عن الكثير من تشوهاتها المعرفية والعلمية حتى المناهج الترويضية التي تهيئة الاجيال كشف ايضاً عن الكثير من الثغور بين الشعوب والشعب الواحد كانت كامنة ،  كشف عن اشخاص يقدمون حل لا يتقيدون بالنقد ، ان دولنا الان تتعرض لخطر الزوال والدولة هي حصن المجتمع الداخلي وليس الدولة كما يعرف البعض بأنه الحكومة ، فالحكومات تتبدل وتتغير اما الدولة تبقى ما يبقى الانسان منتمي لها ففي ظل الاخطار التي تحدق بهذا الحصن المجتمعي وبما تقوم به من اصداها للقوانين الحافظة على عادات وتقاليد الشعب يأتي دور المؤسسات المدني كمكمل للدور الدولة وفي الخطر العالمي يأتي دور المجتمع الدولي وهذا فحوى ما اريد قوله ان ومن خلال المجلس العالمي للتسامح والسلام لدينا فرصة في ان نكون من دعائمه من خلال قبولنا بفكرة التعايش السلمي والعزف عن التفرد بالقرار والفكر ، ان قطار المجلس انطلاق بطريق مليئة بالحفريات والمتفجرات وقد يصل وربما لا يصل للان الارهاب وصل الي محطات عدة واصبح ظاهرة دولية تدخل ضمن تصنيف الامن القومي لجمع دول العالم ويرفع لها ميزانيات لو صرفت على العمل الانساني لعالجنا مشكلة الفقر والبطالة والامية العالمية ، ان قطار التسامح والسلام سيحاول الوصول وتصليح ما اخربه الارهاب وهذا لا يكتمل الا بطريق معبدة بأخلاق والتسامح والصفح والتنازل على الحواجز الحائل بين الاديان سواً او الشعوب بين  

اتمنى ان ينجح المجلس في تدعيم الدعائم الاساسية لمبادئ التسامح والسلام ونغدو الي مؤتمر يجتمع البشرية على اسس انسانية خالصة  

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …