هادي جلو مرعي / أذاع ثوار (البلاك بلوك) كما يطلقون على أنفسهم في مصر بيانهم الأول على اليوتيوب قبل ساعات من تظاهرات الجمعة الماضية التي صادفت الذكرى الثانية لثورة 25 يناير والتي أسقطت حكم الرئيس السابق محمد حسني مبارك ونقلت مصر الى الفوضى ،ويبدو من بعض عبارات البيان إن هدف (البلاك بلوك) هو إسقاط حكم الأخوان المسلمين في مصر مايعني أن هذا الجناح في حقيقته هو رد فعل جامح على الطبيعة التي حكمت فيها البلاد خلال السنتين الماضيتين، والشعور الكامل بالهزيمة أمام إستحقاقات الثورة، فالأمور تغيرت الى الأسوأ، وصار الناس يترحمون على عهد مبارك، ولسان حالهم يقول ، ( ولا يوم من أيامك ياحسني مبارك) . تضم مجموعات البلاك بلوك بحسب المعلومات المتوفرة من خلال وسائل إعلام مصرية كصحيفة اليوم السابع أطيافا من الشباب الذين يشكلون غالبية المجتمع المصري، وهو مايشير بحسب الأعمار التي هم عليها إنهم شباب عاطلون عن العمل ،غير متزوجين، يحملون شهادات جامعية، يبحثون عن التغيير، لايؤمنون بأساليب الحكم التقليدية ،ولايطيقون رؤية الإخوان في الشارع ،وقد بلغ بهم اليأس حدا جعلهم على إستعداد لتدمير كل شئ ،لكن شعارهم هو ( الفوضى لمنع الفوضى ) أي إنهم يرون في فعلهم الفوضوي من حرق لمقرات الأخوان، وتعطيل لحراكهم السياسي محاولة لمنع الفوضى الكبرى التي يرون إن التيار الديني يمكن أن يصنعها في مصر ،وفي بلد تغلب على طباع أبنائه صفة الإعتدال، والتمسك بمبدأ التسامح ،وهو خلاف مايرفعه الإخوان من شعار( نحن أو الفوضى ). المجموعات التي تنتمي لهذا التيار الشاب تعمل في إطار منظم من سنوات، ومن بين الشباب من كانوا جزءا من مشجعي الأندية الرياضية خاصة النادي الأهلي القاهري الشهير وهم المفجوعون بقتل عدد من رفاقهم مطلع العام 2012 في مباراة كرة قدم جمعت ناديهم بالنادي المصري البورسعيدي، وحصلت فيها مجزرة جبارة أودت بحياة العشرات من الشبان المرافقين لناديهم الزائر ،إضافة الى مجموعات من الشباب الذين عملوا في حركة 6 أبرل المعارضة والتي كانت فاعلة في أثناء الثورة ،وتوافقت في بعض المواقف مع الإخوان لكنها غيرت مسارها تماما في الفترة الأخيرة، وهناك من يحمل فكر وتجربة الإشتراكيين والناصريين والقوميين واللبراليين والمسيحيين والإشتراكيين ،عدا عن الموافقين لتجربة جبهة الإنقاذ الناشئة حديثا والتي تطالب بحكومة إنقاذ وطني ،وتغيير رئيس الجمهورية الحالي محمد مرسي. الأمور في مصر ماضية الى تصعيد خطير خاصة وإن الأخوان قوة لايستهان بها على الإطلاق، ولديها قواعد شعبية متمرسة وقيادات تمتلك الكثير من الحنكة والدهاء والقدرة على المجازفة، ومدعومة بشكل معلن من قطر الحليفة المالية التي لن تسمح لخزائن الإخوان بالخواء ،عدا عن جهات دولية أخرى تنظر لتجربة الإخوان بصفتها المكمل لإنجازات الإسلام السياسي ،بالمقابل فإن الجهات المناوئة للأخوان بدأت تتلقى دعما كبيرا من دولة الإمارات العربية المتحدة ،والمملكة السعودية ،وهو نتاج التقاطع في المصالح الأمر الذي سيوفر الأسباب لإستمرار الصراع بين الطرفين، وسيقود مصر الى مصير مجهول، فلاتبدو من نية لدى أحد بالتراجع عن مواقفه المعلنة . لاندري بالذي يجري.