بعد فوز الباجى قائد السبسى رئيس حركة نداء تونس برئاسة تونس بحصوله على 55% من أصوات من شاركوا فى جولة الإعادة، بات على الرئيس المنتخب مواجهة العديد من التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية وتعزيز العلاقات مع أكبر دولة عربية بالمنطقة وهى مصر، بعد أن ساهم المرزوقى فى اختلاق أزمات مع النظام الحاكم بالقاهرة لإستراضاء حلفائه من إخوان تونس .
ونجحت تونس فى إعداد دستور لقى إجماعا وطنيًا، وتجاوزت عقبة التمسك بنتائج الصندوق وتنازلت حركة النهضة عن السلطة طواعية، لتفادى الدخول فى النفق المظلم، كما نجحت تونس أيضًا فى توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولى فى يونيو 2013، تحصل تونس بموجبة على 1.7 مليار دولار على مدار سنتين، لكن ما فشلت فيه تونس هو الخروج من أزمتها الاقتصادية، حيث ما زالت معدلات النمو الاقتصادى دون المستوى، فبعد توقعات متفائلة بتحقيق معدل نمو بحدود 3.5 % فى نهاية عام 2013، تم تخفيض حجم هذا التوقع إلى 2.3%. ، ولا يتوقع لمعدل النمو الاقتصادى بتونس أن يتجاوز 2.8 % مع نهاية عام 2014
وتشير بيانات البنك المركزى التونسى عبر موقعه الإلكترونى إلى أن نتائج النصف الأول من عام 2014، غير مبشرة، حيث بلغ معدل النمو الاقتصادى 2.1 %، كما أن العجز بميزان المدفوعات شهد عجزًا بنسبة 29.3 %، وذلك بسبب العجز بالميزان التجارى الذى بلغ 18.2 %، وتراجع إيرادات السياحة .
وتختلف تونس عن غيرها من دول الربيع العربى من نواح عدة، فقد كانت مستعمرة فرنسية لأكثر من 50 عاما، وحافظت على الكثير من سمات الثقافة الأوروبية، ويعزى هذا جزئياً إلى أن اقتصادها كان يعتمد على السياح الأوروبيين، لكن الآن، مع الاضطرابات السياسية وأعمال العنف المفاجئة، فإن السياحة قد تراجعت، كما تراجع اقتصاد البلاد.
ولا يزال معدل التضخم مرتفعًا نتيجة ارتفاع أسعار الوقود والسلع الغذائية، بعد تخفيض الدعم الحكومى، فبيانات شهر يوليو 2014 تشير إلى بلوغ التضخم نسبة 6 %، بعد أن كان 5 % فى مارس الماضى. كما أن معدل البطالة لا يزال بحدود 16 %، ويزيد هذا المعدل ليتجاوز الـ 30 % بين الشباب، مما يشكل عبئا كبيرا على صناع السياسة بتونس.
وبعد حوالى ثلاث سنوات لا يزال كثير من التونسيين الذين يصل عددهم إلى 11 مليون نسمة يشعرون بالضيق، ويرون أن الأوضاع الاجتماعية لم تزد إلا سوءاً بفعل استمرار الخصومات السياسية بين الحكام الإسلاميين والمعارضة العلمانية.
الأعباء الاجتماعية أحد أبرز المشكلات التى تواجه رئيس تونس الجديد، تلك الأعباء التى شأنها كشأن كل تجارب الصندوق مع الدول التى تعانى من أزمات مالية، عادة ما تتحمل هذه الدول أعباء اجتماعية سلبية، بسبب تقليص الدعم، وتخلى الدولة عن تقديم خدمات عامة مهمة، كان يستفيد منها شريحة عريضة من المجتمع، وإن كان يتخلل هذا الأداء فساد وسوء توزيع، فالتضخم الناتج عن ارتفاع الأسعار بتونس، لا تعالجه الأدوات التى تبنتها الحكومة التونسية باتفاق مع صندوق النقد الدولى مثل تطبيق الحد الأدنى للأجور، والدخول فى برنامج يستهدف دعم الأسر الفقيرة، وذلك بسبب أن القطاع غير الرسمى فى تونس يغطى نسبة كبيرة من الاقتصاد التونسى قدرها صندوق النقد الدولى بـ 35 %.
من جهة أخرى، فإن الوضع المالى المتأزم فى الدول الأوروبية قلل من فرص تدفق استثمارات أجنبية لتونس، والسياحة الغربية لتونس تأثرت بسبب الأزمة المالية هناك، فضلا عن تفضيل السياح الغربيين البعد عن مناطق عدم الاستقرار السياسى والأمنى، وقد مرت تونس خلال الشهور الماضية بعدة حوادث بارزة من اغتيالات سياسية وصدام بين جماعات ارهابية وقوات الشرطة والجيش.
ويمثل تدفق الاستثمارات الخليجية حلا للمشكلات الاقتصادية بتونس، ويتوقع خبراء أنه فى حال نجاح الباجى القائد السبسى برئاسة تونس ستحل العديد من المشكلات الاقتصادية بتونس، فالرئيس التونسى السابق المنصف المرزوقى فشل فى تعزيز علاقات بلاده مع أكبر الدول العربية وعلى رأسها مصر والسعودية، وهو ما أغضب المواطن التونسى الذى صوت بكثرة للمرشح الرئاسى الباجى قائد السبسى .
يذكر أن المساهمة الرئيسة التى أعلن عنها فى إطار مؤتمر تونس للاستثمار قد أتت من الدول الخليجية، فى حين أن مؤتمر شراكة “دوفيل” الذى عقد فى باريس عام 2011 بمشاركة الدول الصناعية الكبرى، تعهد بتقديم 10 مليارات دولار دعمًا للاقتصاد التونسى، وذلك بمشاركة الاتحاد الأوروبى، ولكن هذا الوعد والتعهد لم تحظ تونس منه بشىء بعد.