تحقيق دكتور خالد ممدوح العزي .
يتفرد لبنان بنوعية خاصة في ممارسة العمل الإعلامي مما يتيح ذلك لكافة الأطراف في ممارسة هذه المهنة بحرية ،بالرغم من صغر مساحته وعدد سكانه. لكن الكلمة اقوى من كل الحواجز ،فلبنان مخترع الأبجدية وناشر الكلمة ورائد في الإعلام والنشر ،ورائد أيضا بوضع أعراف في مجال الإعلام والعرف حسب التقاليد اللبنانية يصبح قانوناً غير مكتوب ،فاللبناني اخترع في بثه الفضائي نظرية جديدة في علم الإعلام والتي اسمها مقدمة النشرة الإخبارية.
المقدمة اللبنانية هي التعبير الخاص لكل قناة تلفزيونية عن موقفها السياسي واتجاهها ، لتكون البيان السياسي لجماهيرها من خلال موقفها المسبق والمطلق ولتقييم الحدث الإخباري . لكن مع صدور قانون الإعلام عام 1996
أضحى هذا القانون الحامي لكل هذه القنوات والذي أصبح السقف القانوني لها بعيدا عن كل الأعراف القانونية والإعلامية والأكاديمية التي تحكم قانون العمل الإخباري .
ومع انتشار الفضائيات العربية والعالمية الموجهة للجمهور العربي أو غير الموجهه،” كالجزيرة ،العربية ،روسيا اليوم ،العالم ،سكاي نيوز ،ال بي سي ، سي ان ان ، فرانس 24 “، فان كل النشرات الإخبارية لهذه الفضائيات العربية والأجنبية لا تعتمد نهائيا على مقدمة إخبارية ، وإنما الدخول في تفاصيل النشرة مباشرة نظرا لاعتبارات إعلامية بحتة.
لكن الدكتور نسيم خوري أستاذ الإعلام في الجامعة اللبنانية يكتب في كتابه :”فنون الإعلام والطاقة والاتصالية صفحة 244 عن دار المناهل اللبنانية عام 2005.بأن هناك مدرستان بالنسبة للمقدمة :”
–الأولى ترى بان المقدمة ضرورية بحيث يكتسب القارئ منها الضروري وهي التي تجعله متعلقا بصحيفة ما وأخبار ووسيلة ما، بشكل يجعله متابعا دائما لكل النشرة سوا في الصحيفة ام التلفزيون للوصول إلى ما يشبه العادة الصحفية.
-الثانية ترى عدم ضرورة المقدمات، لان المقدمات مضيعة للوقت والجهد، والأفضل الدخول مباشرة في العملية الإخبارية.
مقدمة LBC
: حميد ناصر الدين أستاذ علم النفس الاجتماعي في الجامعة العربية المفتوحة يقول:” ان مقدمة الاخبار في القناة هي مقدمة تعاني من الضياع السياسي لعدم تحديد موقعها الإعلامي وهي في حالة من انعدام الوزن ،نتيجة المشاكل التي تعاني منها المحطة فالمقدمة في أي محطة تعبر عن رأيها أو اتجاهها السياسي وهي لعبة نفسية للتأثير على الجمهور والمشاهد .
أما احمد مطر الإعلامي والناشط في جمعية هيا بنا يقول:” بان المقدمة تفتقر للموضوعية بسبب موقفها السياسي التابع للنظام السوري .
2- كيفية أداء المقدمين والركاكة في اللغة “التعبير”.
3- التحريض المبطن ضد تيار 14 آذار وهذا يجعلها بعيدة عن الموضوعية.
أما الإعلامي محمد أبي رعد ، مدير موقع الشيعة اليوم الالكتروني
يقول:” بان مقدمة “ال بي سي”، هي مقدمة محترفة لمحطة إخبارية تربط من خلالها كل مواضيع النشرة ،ولكن الفرق بينها وبين مقدمات القنوات اللبنانية الأخرى ،فإنها تعتمد على الحرافية في الكتابة والاهتمام بالربط لكافة المواضيع المتناولة في النشرة من اجل وضعها في إطار الطرح الإخباري . تعتمد المقدمة في طرحها على لغة ، غير معقدة وغير خشنة في التعامل مع الملفات الإخبارية المطروحة لا تصلب الرأي العام وإثارة العصبيات مع العلم بانها تبين خطها السياسي لكن بحرافية ولا تثير غضب الراي الاخر
مكرم عابد استاذ الإعلام في الجامعة اللبنانية الدولية يقول:” بان مقدمة ال بي سي كباقي المحطات اللبنانية الأخرى التي لها توجه سياسي مسبق تحاول الترويج له ،من خلال مقدمة النشرة الإخبارية ،وإن كان بعض هذه المقدمات ،اقل تحيزا واستفزازا من محطات أخرى تستعمل مقدماتها بشكل متحيز ،وأخرى إلى بيان سياسي .
-اما فؤاد خشيش دكتور الاعلام في الجامعة اللبنانية الدولية يقول :” بان مقدمة ال بي سي هي مقدمة جيدة منظمة ،بعيدة عن التوتر ،يتم التركيز فيها على الحدث ،إضافة إلى كونها تعتمد على التهذيب المهني،وهي مختصرة لان خير الكلام ما قل ودل ، مما ينعكس ذلك على مقدمي النشرة الذين يتمتعون بمهنية إعلامية عالية ،وقدرة جيدة في قراءة الخبر والتعامل مع الحدث،الذي ينقلونه برصانة إلى المشاهد.
عابد على أن كل مقدمات الإخبار غير احترافية،وهي تقود المشاهد إلى تحديد موقفه قبل الاطلاع على الخبر ،وتعلن عن موقف مسبق من الأحداث التي من المفترض ان تقدم بالحد الأدنى من التوازن والمصداقية .
إذا ما أردنا التوفيق أو الحسم بين النظرتين في الكتابة الإعلامية يفترض الأخذ في الاعتبار مفهوم الزمن بين الشعوب ومدى قيمته من شعب لأخر .
أنواع المقدمة :
دوما يستخدم الإعلام المرائي اللبناني نوعين من المقدمات :
مقدمة التساؤل، التي تطرح مجموعة من الأسئلة التي تثير الناس وتكون محطة اهتمام المشاهدين، والتي تعد على إخلال التوازن الهادئ في أذهان الناس وذلك بالاعتماد على اللفظ والمعنى على السواء.
-مقدمة الهزل في عرض الخبر وهذا ما تستعمله المحطات اللبنانية في تعاطيها مع الخبر وتفسيرها للاحداث.
لكن د.نسيم خوري في كتابه “الكتابة الإعلامية المبادئ والأصول”دار المناهل عام2009 ،صفحة 130-132-135.
يرى بان المقدمة أساسية وهذا الموضوع يشمل كل المواد الصحافية التي تتجاوز الخبر ،فالمقدمة ضرورية ،والتي نجدها في مجمل الوسائل الإعلامية ،على اعتبار إن القراء والمستمعون هم قراء عناوين ومستمعو مقدمات أو الاثنين معا .
اما المدرسة الثانية تدعو إلى إلغاء المقدمة نهائيا والحجة في ذلك ضيق الوقت وان العناوين والعناوين الفرعية كافية ان جاءت مكثفة ، لان تقوم مقام المقدمة وهذا الأمر يتفق وفقا لمفهوم الزمان بين بلدين وأفضل مثال على انتقاء المقدمات هو الإعلام اللبناني التي يستخدمها في كافة وسائله المرئية .
قانون الإعلام اللبناني الذي أمر بتنظيم المرئي والمسموع عام 1994، وتم من خلاله توزيع الإعلام وفقا للمحاصة الطائفية والمذهبية على حساب الإعلام الوطني مما جسده ضعف تلفزيون لبنان العام.
اما بالنسبة لتوقفنا امام المقدمة في نشرات ال بي سي تختلف عن الاسباب التي تم ذكرها لناحية اهمية المقدمة او عدم اهميتها ،لكن السبب الرئيسي الذي يفرض نفسه في نشرات الاخبار لجهة المقدمة وترتيب الاخبار فيها ، وبعد دراسة يومية وتراقب مستمر للمقدمات ولتناول الاخبار في القناة ،ظهر الفرق واضحا بين اسلوبين في كتابة النشرات اليومية والذي اتضح لنا بوجود محررين للنشرة يتمتعان باسلوبين مختلفين في كتابة النشرة وتقديم العناوين الفرعية فيها ،وهذه المشكلة الاساسية .
-الاسلوب الاول من الكتابة : يتمتع بالعمل الحرفي الاعلامي ويحاول ان يكون موضوعي من خلال تركيبه للنشرة الاخبارية التي تحمل موقف سياسي تتعاطى مع الحدث اللبناني من خلال حرافية ومهنية عالية في تناول الموضيع وتوزيعها على النشرة وترتيب الاولويات الاخبارية .
– الاسلوب الثاني في الكتابة : لإعداد المقدمة والتي يترتب عليها ربط المواضيع الاخبارية بها، فانه يغلب عليها الطابع السياسي واستخدامه للمصطلحات السياسية والايديلوجية التي يتم تناولها من العهد القديم الذي تخطاه الزمن في اعلام التواصل الاجتماعي والكلاسيكي .
طبعا هذا الاسلوب تسيطر عليه الكتابة الدعائية والتروجية والذي يقع في اطار الخطاب السياسي بعيدا عن الحرافية المهنية ،مما يفرض على كل اخباره النشرة نوع من المواقف السياسية المسبقة من الاحداث ، والتي تتحمل اعباءها القناة ،و تجاوب عليه كل الاراء المتناولة في تحقيقنا عن المقدمة وطبيعتها
واذ تتحول المقدمة الإخبارية في الإذاعات والتلفزيونات والصحف اللبنانية غاية إلى جذب الناس.
العامية في قناة ال بي سي:
تعتبر العامية في نشرات أخبار”ال بي سي” ليس موقفا أيديولوجيا من القناة ضد اللغة العربية الفصحى أي ضد الهوية العربية، بل تعتمد قناة “إل بي سي” وحسب إعلاميها في إخبارها العامية كمخرج مهم من خلال معادلة تقوم على مبدأ نقل كمية كبيرة من المعلومات بأبسط لغة يستوعبها المستمع، وهي تبرر نفسها بان ما يقدم ليس هجينا بل الناس اعتادوا على سماعه.
وبالرغم من عدم معرفتنا المسبقة بالاسماء والذي لا نريد تناولها لان ليس هدفنا، الاسلوب الاول الذي تميز بموضوعية واحتراف للعمل الاعلامي من خلال كتابة المقدمة والاشراف على العناوين الفرعية للاخبار يكون يوم الاثنين والاربعاء والجمعة واحد من الاحاد .
اما الثاني فيكون الايام الباقية وواحد من الاحاد،ويمكن لاي شخص مختص او مراقب يهتم بهذه الامور الاطلاع بدوره على هذه الايام .
هذه هي سر القطبة المخفية في مقدمة “ال بي سي” التي بات جميع المشاهدين محليا وعربيا ، غير راضين عنها في بلد يسوده الشحن الطائفي والمذهبي ،ونار الحرب تهدد المنطقة كلها من خلال النار التي تسعرها وسائل الاعلام بطرقها الخاصة تحت اسم الصفقات الصحافية والسباق الاعلامي ، والاراء السياسية التي اضحت تسيطر على اقلام محرري الاخبار..
اعلامي ومختص بالاعلام السياسي والدعاية