محمد النغيمش // يا لها من صدمة هائلة حينما تكتشف فجأة أن من كنت تتعشم به الخير قد تحول إلى شخص انتهازي. فهو صار مستعداً لأن يطأ كل من يلاقيه في سبيل المضي قدماً نحو تحقيق منفعته الشخصية البحتة.
نحن لا نتحدث عن نظرية «الأنانية النفسية» في علم النفس التي يعتبر مناصروها أن دوافع السلوك البشري تنطلق من مصالح شخصية حتى وإن كانت مثل العطاء والإيثار، بل نقصد هنا «الانتهازية السلبية» التي يكون فيها صاحبها مستعداً لأن يضرب بالمصلحة العامة والقيم والمبادئ الأخلاقية عرض الحائط في سبيل تحقيق مبتغاه، لأن الانتهازي مستعد أن يبني سعادته على شقاء الآخرين.
وهو لديه مقدرة هائلة على التلون، لأن جل اهتمامه منصب على من بيده السلطة، فهو فقط من يحقق آماله، حسب اعتقاده. ولهذا كان القاسم المشترك بين الانتهازيين أنهم لا يكترثون بنقد الآخرين، ولا غمزهم ولا لمزهم، ومستعدون لأن يناقضوا أنفسهم، لأن محط اهتمامهم يكمن في السلطة، وهذا ما يجعلهم يتقنون فنون التملق والتزلف والمداهنة مهما كانت تداعياتها وخيمة.
والانتهازي لا يشغله مشروع مبدئي يكافح من أجله وليس مستعداً للتضحية بامتيازاته في سبيل مشروع نبيل.
ويعتبر معشر الانتهازيين الآخرين سلماً لهم للوصول إلى مآربهم. وأروع من صوّر ذلك الفنان المبدع علي فرزات، الذي رسم كاريكاتيراً بليغاً صور به حال الانتهازي بمن يصعد سلماً خشبياً صممت درجاته من أجساد بشر مصفدين في أطرافه ليطأهم صعوداً نحو مآربه.
قد يرقى الفرد في درجات آماله الانتهازية لكنه في الواقع ينحدر في دركات مكانته في قلوب الناس. وأسوأ الانتهازيين ذلك الذي إذا ما ساعده الآخرون على ركوب قارب النجاة قطع بهم الحبل ليهيموا في بحر من الغيظ، وربما اتهمهم بما ليس فيهم. فهو يمارس اللؤم بصفاقة ولسان حاله ما قاله الشاعر:
أُعَلِّمُهُ الرِّمَايةَ كُلَّ يَومٍ
فَلمَّا اشْتَدَّ سَاعِدُه رَمانِي
وَكَمْ عَلَّمْتُهُ نَظْمَ القَوَافي
فَلَمَّا قَالَ قَافِيةً هَجانِي
كاتب كويتي