حمد العمير / تؤكد الدراسات أن هذا الإعلام يعتمد على حالة الضجر الذي يعيشه مجتمع وجد نفسه مضطرا لتقبل ما يسليه في ضجره دون تمحيص ليفرز المتلقي غثه عن سمينه وشحمه عن ورمه، ويبدو أن مداعبة ما يسميه علماء الأحياء الخلايا الزواحفية في الدماغ هي مهنة أناس تتأسس لديهم معايير الربح والخسارة على البعد المادي فقط.
تؤكد المؤشرات أن وسطنا يعاني انتشار هذا الإعلام الذي لا يكاد يخلو منه أي بلد عربي، حتى لو اضطر القائمون عليه إلى طلائه باللون الأخضر، وقد يبدو مصطلح الصحافة الصفراء غامضاً بعض الشيء رغم أنه بات محدداً بين قوسين ليخص صحافة سائبة وغير مسؤولة تضع الإثارة فوق الاعتبارات كلها، وقد حيّرت هذه الصحافة الباحثين عن أسباب انتشارها رغم فقدانها المصداقية.
إن التشهير بالآخرين، والتلصص من النوافذ وشقوق الأبواب المغلقة على ما يدور حتى بين الإنسان ونفسه، هو البضاعة أو المادة الخام التي يتم تصنيع الورق الأصفر منها.
وقد تكون ذريعة الصحف الصفراء أشد اصفراراً من ورقها وحبرها، وهي البحث عن الحقيقة، لأن هناك فارقاً جوهرياً بين العثور على الحقيقة وابتكارها، وثمة محترفون يجيدون صياغة الحبكة الدرامية لأية حكاية ملفقة، بحيث يثيرون فضول الإنسان العادي وأحياناً لعابه للتعرف على ما يعتقد أنه يجهله. والإعلام الأصفر ليس حكراً على مؤسسات رسمية، لأن المناخ الذي يفرز هذه المحاصيل واحد. وقد يشمل ما يسمى الإعلام الآخر أو غير الرسمي، الذي لا يكاد أحد يسلم من وبائه.