أوكرانيا اليوم / كييف/ أطلق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تقريرًا يوثق الانتهاكات الإسرائيلية بحق السكان الفلسطينيين في مدينة القدس خلال شهر آب/ أغسطس المنصرم، مستعرضًا التصاعد الواضح في الانتهاكات الممارسة ضدهم كماً ونوعاً، كالإبعاد التعسفي عن المسجد الأقصى والاحتجاز والاعتقال، ومداهمة منازلهم والعبث بمحتوياتها، فضلًا عن استمرار سياسية هدم المنازل بحجة عدم الترخيص، في انتهاكات جسيمة للوضع القانوني للمدينة المقدسة وحقوق السكان الفلسطينيين فيها.وبين الأورومتوسطي في تقريره والذي حمل عنوان “القدس، سياسات الهدم والاعتقال والإبعاد التعسفي للفلسطينيين عن المسجد الأقصى”، أنّ ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي التعسفية زادت بحق الفلسطينيين، عقب قرار الرئيس الأمريكي “ترامب” بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
واستعرض تقرير الأورومتوسطي شهادات لفلسطينيين في القدس، قالوا إنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي تُمعن في سياساتها التعسفية ضدهم وتبقيهم في تهديد مستمر، وتحاول التضييق عليهم بشتى الوسائل والطرق بذرائع لا وجود لها.وقال الأورومتوسطي إنّ أبرز الانتهاكات التي زادت توسعًا وأصبحت تمثل سياسة ممنهجة واضحة، هو إبعاد المقدسيين (سكان القدس) عن المسجد الأقصى، حيث تُبعد الشرطة الإسرائيلية الأشخاص عن المسجد وتمنعهم من الصلاة فيه بصورة تعسفية ودون تسبيب، ضمن منظومة واسعة الطرق، كالأوامر العسكرية والقرارات القضائية فضلا عن إمكانية الإبعاد بقرار من قائد الشرطة أو مسؤول التحقيق، وأخيرا ضمن ما بات يعرف بين الفلسطينيين بـ “القائمة السوداء”.
واستنكر الأورومتوسطي في تقريره الخطوة غير المسبوقة التي قامت بها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بإصدارها “القائمة السوداء”، والتي تضمنت أسماء مجموعة من الأشخاص الفلسطينيين – الرجال والنساء والفتيات – بحيث يجري تعميم هذه القائمة على رجال الشرطة، والذين يتواجدون عند أبواب المسجد الأقصى، من أجل منع دخول أي شخص من هذه القائمة إلى المسجد.وأوضح الأورومتوسطي أنه بينما تنكر السلطات الإسرائيلية وجود هكذا قائمة، إلا أن الممارسة العملية على بوابات المسجد الأقصى وفي المحاكم تظهر بوضوح أن هناك قوائم لأسماء فلسطينيين ممنوعين من دخول المسجد الأقصى دون تسبيب ودون إمكانية للاعتراض القضائي لأن هذا المنع لا يتم بالطرق القانونية ولا يُعلن عنه رسمياً.
قال “نظام أبو رموز” (37 عامًا)، من حي سلوان بمدينة القدس: “منعتي شرطة الاحتلال الإسرائيلي من الدخول للمسجد الأقصى للصلاة، بزعم أنّي ضمن “القائمة السوداء”، ثم حضر شرطي من داخل المسجد وشتمي بألفاظ بذيئة، ثم تم اقتيادي إلى مركز شرطة باب الأسباط وضربني الشرطي نفسه بأكثر من 20 لكمة على وجهي ورأسي، ثم صدر قرار بإبعادي عن البلدة القديمة في القدس لمدة 15 يومًا”. وقالت مستشارة السياسات في المرصد الأورومتوسطي “ساندرا أوين”: “لا يوجد أي سند قانوني يُتيح للشرطة الإسرائيلية إبعاد أي شخص عن أماكن العبادة بهذه الطريقة، وهذا الإجراء يمس بصورة صارخة بحق الإنسان في الحركة وحرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية”.
ورصد تقرير الأورومتوسطي استخدام الشرطة الإسرائيلية للتحقيق والاحتجاز التعسفي ضد النساء والفتيات بدون أي ذريعة قانونية سليمة. فضلاً عن أن اعتقالهم يكون بموجب اشتباه لا يستوجب الاعتقال بحسب أحكام القانون، وغالبا ما يتلو ذلك إصدار أوامر بالإبعاد بحقهم.
قالت “شفاء أبو غالية” (16 عامًا): “مكثت يومًا واحدًا في الأسر، شعرت خلاله بالتعب والإعياء الشديدين، رأسي وأطرافي يؤلمونني، رغم أنني لم أكن مقيدة، كانت هذه تجربة يوم واحد فقط، فكيف بالأسرى الذين يقضون أشهرًا وسنينًا في هذه المعاناة، ثم تقرر إبعادي 15 يومًا عن البلدة القديمة”.ووثق تقرير الأورومتوسطي عدداً من الحالات خلال شهر آب/أغسطس الماضي والتي جرى فيها هدم منشآت سكنية فلسطينية، بواسطة الجرافات التابعة لبلدية القدس الإسرائيلية، في بلدة العيساوية وسط القدس، وحي جبل المكبر جنوب شرق المدينة، وبلدة شعفاط في مدينة القدس، بحجة البناء دون ترخيص. فيما تضع السلطات عشرات العراقيل التعسفية أمام إمكانية الحصول على ترخيص للبناء.
ولم يسلم موظفو لجنة إعمار المسجد الأقصى التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية من الاستهداف، حيث وثق تقرير الأورومتوسطي بتاريخ 25 آب/أغسطس، اعتقال الشرطة الإسرائيلية لأربعة من موظفي لجنة الإعمار في المسجد الأقصى، وهم “باسم زغير”، “عيسى الدباغ”، “جمعة مناصرة” و”محمد علقم”، إضافة الى المهندس “بسام الحلاق”، مدير لجنة الإعمار في المسجد.وأوضح “زغير” في إفادته أنه وزملاءه كانوا يمارسون عملهم في المسجد الأقصى في لجنة الإعمار، وكانوا بصدد البدء بطلاء “سبيل قاسم باشا” مقابل باب السلسلة، فتفاجؤوا بحضور مجموعة من الشرطة الإسرائيلية، حيث طلبوا منهم وقف العمل دون توضيح الأسباب.وأضاف: “بعد ذلك، تمّ اعتقالنا واقتيادنا إلى مركز شرطة “القشلة” في باب الخليل، وبعد انتظار لأكثر من 6 ساعات، أُبلغنا بأمر بالإبعاد عن المسجد الأقصى مدة 15 يومًا، وتسلّمنا كذلك استدعاءً للتحقيق في اليوم التالي”.وعرّج الأورومتوسطي في تقريره على سياسة دهم منازل الفلسطينيين في القدس، والتي تنتهجها قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل شبه يومي، إما لغايات الاعتقال أو التضييق، ودون وجود مذكرات بالتفتيش أو الاعتقال في أغلب الحالات.
ودعا المرصد الأورومتوسطي في تقريره السلطات الإسرائيلية إلى وقف كافة الانتهاكات والسياسات التعسفية التي تمارسها ضد الفلسطينيين في مدينة القدس، وبشكل خاص عمليات الإبعاد عن المسجد الأقصى ودهم منازل السكان بشكل شبه يومي واعتقالهم بشكل تعسفي، وضمان اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع وقوع المزيد من تلك الانتهاكات، وإلغاء الإجراءات التي اتخذتها للتضييق على السكان وعلى حرية العبادة في المدينة المقدسة.
دنيا الوطن