%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%B1 %D8%A8%D9%86%D8%AF%D8%B1 أوكرانيا

الأمير بندر بن سلطان رجل الظل التسووي وحامل الاسرار

محمود بري :    كاتب وإعلامي لبناني / لعل التساؤل عمّن يحكم المملكة العربية السعودية، هو أحد أكثر الامير بندر أوكرانياالتساؤلات غرابة وإحراجاً، ولا سيما في هذه المرحلة المفصلية الحساسة من تاريخالمملكة. فمنذ أن أصبح عبد الله ملكا للسعودية، والأسئلة المتشككة تبحث عن أدلة تشير إلى الحاكم الفعلي لهذا البلد صاحب التأثير الكبير على المستوى العالمي كما على العديد من الدول القائمة في محيطه القريب والبعيد، وهو البلد المنتظم  سياسيا واجتماعيا وإعلاميا أكثر من الكثير من بلدان المنطقة والعالم.

لكن، هل يستحق السؤال فعلاً أن يُطرح بوجود كبير العائلة السديرية على العرش، الملك عبدالله بن عبد العزيز صاحب اللقب الذهبي “خادم الحرمين الشريفين”؟

الحقيقة أن السؤال غالباً ما كان يُطرح في مجالس العارفين بما يدور في خلفية المشهد السعودي وخلف الأبواب الموصودة، ليس في الأمس القريب فقط، بل حتى في عهد الملك السابق فهد بن عبد العزيز. إلا أن تفاقم الأوضاع في البلدان التي للمملكة غيرة عليها  وتأثير فيها، كما في سورية مثلاً ولبنان كذلك، ناهيك عن فلسطين ومصر واليمن، وصولاً إلى تونس وقبلها ليبيا .. هذا التفاقم جعل من طرح السؤال ضرورة منطقية، ولا سيما بالنظر إلى البروز الإستثنائي للدور السعودي في المحافل الدولية، ولا سيما لأحد أمرائها الناشطين والذي يتحرك بفعالية هنا وهناك وهنالك، ينسّق مع الأميركي ويفاوض الروسي ويُلزم البريطاني… وله كلمة سعودية مسموعة في كل أزمة شهدها العالم في ربع القرن الأخير على الأقل، نعني به رئيس تالاستخبارات العامة للمملكة العربية السعودية الأمير بندر بن سلطان .

 

الأمير بندر هو الشخصية المفتاح في المملكة، إذ هو حامل القرار الملكي. هذا الرجل الذي تتلمذ على أيدي أرقى الديبلوماسيين الأميركيين حيث كان سفيراً لبلاده لدى واشنطن لمدة 22 سنة (من العام 1983 وحتى العام 2005)، فتبادل معهم المعارف والخبرات، وخرج، وهو الذكي الأريب، بخبرات إستثنائية مهدت أمامه الطريق ليصبح حامل سرّ القرار كلمة العرش إلى حيث ينتدبه واجبه، تحت سلطة خادم الحرمين الشريفين وعلى هَدي توجيهاته. فبعد عودته من واشنطن عُيِّن أميناً عاماً لمجلس الأمن الوطني في المملكة ، ثم رئيساً للاستخبارات العامة السعودية، حيث ما يزال يحتفظ بالمنصبين ويتحرك بنشاط وحيوية من خلالهما.

يقولون إن في إمرة الأمير بندر جيشاً مُهاباً يتحرك بفعالية اليوم، خصوصاً داخل الجحيم السوري. وقد سبق له أن باشر ببناء هذا “الجيش” قبل عقود، منذ مرحلة احتلال السوفيات لأفغانستان، حيث كان عضوا بارزاً في ما سُمّيَ يومها الحركة الدولية المعنية بتجنيد الشباب المسلم “للجهاد” في أفغانستان. وهذا ما أفرز بعد انتهاء الحرب الأفغانية ظاهرة “الأفغان العرب”. وهؤلاء عادوا إلى المنطقة العربية يحملون إليها الفكر المتشدد الذي راح يهدد استقرار دولها، وكان له دور بارز في صنع ما سُمِّي بـ “الربيع العربي”. ويُقال إن الأمير بندر الذي هاله نشر المتشددين رايات إسلامية لتغطية جرائمهم الوحشية في غير بلد في العالم، اصبح يهتم بإبراز الوجه الآخر للإسلام، بل الوجه الحقيقي السموح. لكنه إصطدم بالأصوليين المتشددين، فعمل على مواجهتهم دفاعاً عن دين الإسلام، وسيّر ضدّهم مجاميع أخرى مناهضة لهم من المسلمين الذين يمكنه أن يؤثر عليهم، وهدفه مواجهة الإرهاب المتقنّع بالإسلام المتطرّف الذي يُشهر العداء للغرب.

الظاهر للعيان أن رئيس الإستخبارات السعودية يلعب اليوم الدور الأبرز في المملكة والحامل الأبرز لكلمة السرّ الملكية، حتى أنه هو الذي قصد العاصمة الروسية موسكو ممثلاً لبلاده، وليس الملك عبدالله، لمحاورة الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” منذ أشهر. وذكرت الأنباء أن بندر طلب يومها من الزعيم الروسي بوتين الابتعاد عن دعم النظام السوري، الأمر الذي رفضه الزعيم الروسي بشكل قاطع مُنهياً اللقاء (على ذمة وسائل الإعلام).

من الجهة المقابلة فإن معظم المراقبين والخبراء في الحالة السعودية، يعرفون أن الملك عبدالله هو رجل عروبي أقرب إلى الوداعة، وبالتالي فإن أيّ دور يلعبة الأمير بندر، لا بد له من أن يكون من ضمن السياق الذي يرسمه العاهل السعودي نفسه وفي إطار توجيهاته التي تحرص على مصلحة المملكة ومصلحة الإسلام ومصالح الأشقّاء والأصدقاء في المنطقة والعالم.  

لكل ذلك، وحسماً لجدالات مصطنعة تدور في غير مكان من المنطقة والعالم، فإن من يحكم العربية السعودية ليس سوى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله. أما الأمير بندر بن سلطان فهو ليس سوى واحد من رجالات المملكة المميزين.

 المقالات التي تنشر تعبر عن آراء أصحابها

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …