الأمل الأخير للعرب!
موقع وقناة الإتحاد العربي
(تحت الإنشاء ومناقشة الشراكة والإستثمار)
www.arab-union.biz
Arab Union TV
مقدمة
أيّها الشركاء العرب ( وسَنعلَم لاحقا لماذا هذه الصفة) !
إن قراءة هذه الدراسة البحثيّة والتي هي أيضا بمثابة عرض ودعوة و بشرى و إنذار، واجب على كل إنسان عربي مهما كانت جنسّيته أو جنسه أو عمره أو دينه أو مذهبه أو مهنته أو فكره، وليست من منطلق التسلية أو القراءة والمعرفة والثقافة، حتى لو تم قراءتها على أجزاء أو أيام …
وأوّد أن أؤكد على أننا هنا لا ننتقد أحدا أو نقيّم أحد بل نستعرض ونحلل الواقع معا كما هو لنستخدم هذا كمدخل
ومقدمة ومبرر لما نريد أن نصل اليه في النهاية.
وحتى وإن كنّا جميعا لا نحب القراءة ، فليس هناك وقت نضيّعه ، فالإنهيار على الأبواب ومن لا يراه أو لا يَلمسُه أو لا يسمع صوته أو لا يشُّم رائحته أو لايتذوق طعمه أو لايشعر به هو فاقد لكل حواس الإدراك، ولن ينفعه أي شئ يعتقد أنه سيحميه ويستحق بكل جداره ما سيحدث له ولأهله ولوطنه وهنيئا مريئا لمن سوف يستولي على مقدّراته وأرضه وما له وما عليه وعلى ماضيه وحاضره ومستقبله ….
لا أحد يعرف قيمة الطعام أكثر من الجائع ولا أحد يعرف قيمة القوة أكثر من الضعيف. ولكن من أين تأتي القوة؟
القوة لها مصدران ، الأول البناء الداخلي الذاتي والثاني هو الإتحاد مع كيان آخر ذو روابط مشتركة.
هذا على أي مستوى فردي أو جماعي أو دولي.
والإتحادات على مستوى الدول تأخذ شكلان:
_ إتحاد فِدرالي وفيه تندمج الدول في دوله واحدة ونظام حكم واحد مثل الإمارات العربية المتحدة أو الولايات المتحدة الأمريكة أو روسيا الفيدرالية.
_إتحاد كونفِدرالي وفيه تحافظ كل دولة في الإتحاد على كيانها المستقل ونظام حكمها وسيادتها المستقلة مثل الإتحاد الأوروبي.
ونحن كعرب بطبيعة الحال الآن لسنا في عداد الأقوياء بل نحن من الضعفاء المستضعفين بالرغم من نقاط القوة الكثيرة عندنا والتي لا نجيد إستخدامها وسنعرف لماذا؟
مسألة البناء الداخلي الذاتي والنهضة والتقدم هذه مسألة معروفة و مفروغ منها ولابد منها ولو أننا لا نسير فيها كما يجب ، ولكن حتى لو حدث هذا بشكل منفرد للدول العربية مهما كان حجمها لو سارت في طريق النهضة والتقدم بخطى سريعة وحثيثة ومخلصة وهذا للأسف لم يحدث بشكل متكامل كما يجب ولكن حتى لو حدث كم من الوقت يلزم حتى تصل إلى المستوى المطلوب إقتصاديا وعسكريا وعلميا ؟ وهل الظروف العالمية ستسمح لها؟ وهل إمكانياتها ومواردها الطبيعية والبشرية ستسمح لها أن تكون في قوة دول مثل الصين أو روسيا ولا نقول أمريكا وأوروبا؟ و حتى لو وصلت ستكون أقل قوة من هذه الدول أيضا لأن هذه الدول ستكون سبّاقة وفي المقدمة.
فما بالكم ونحن أساسا لانسير بهذه الخطى الحثيثة ومكانة أي دولة عربية الآن أقل بكثير مما تستحق.
إذن ما العمل إذا كانت كل دولة عربية لا تسير بخطى قوية نحو القوّة الحقيقية وحتى لو سارت لن تصل إلى المستوى العالمي المطلوب في الوقت المناسب ولو وصلت سيكون غيرها سابق لها أيضا، ما العمل؟
ما العمل وموازين القوة العالمية تتغيّر وكفتنا في النازل ؟
العمل هو اللجوء إلى المصدر الاخر للقوة وهو الإتحاد الكونفدرالي ولا أقول الفدرالي لأنه حلم غير قابل للتحقيق ومن يحلم بحلم غير قابل للتحقيق يكون سفيه وأساسا الإتحاد الكونفدرالي هو الأنفع والأنسب لنا ولظروفنا.
لا سيما وأن هناك الان وعى عالمي بفكرة الإتحاد والوحدة عموما وخصوصا الكونفدرالي كمصدر مهم للقوة حتى وإن كانت الدولة قوية فتزداد قوة وخير مثال على هذا في العصر الحديث الإتحاد الأوروبي فهو إتحاد كونفدرالي فيه 28 دولة ذات لغة وثقافة وعادات وتقاليد مختلفة جمعهم الوعي بالمصلحة العملية المصيرية.
طبعا حلم ورغبة المواطن العربي في وجود إتحاد عربي كونفدرالي على غرار الإتحاد الأوروبي هي رغبة شبه مؤكدة والدعوة إلى هذا ليست بجديدة حتى من خلال الأعمال الفنية والغنائية وخلافه ولكن لماذا لايوجد هذا على أرض الواقع أو على الأقل لا توجد خطوات حقيقية نحو تحقيقه؟
ماهو السبب الرئيسي في عدم وجود الإتحاد العربي الكونفدرالي؟
بنظره سريعه ومحايدة ومجرّدة على العالم العربي بعد سقوط الحكم العثماني الإسلامي وهو الذي لم يجيئ إلا على أنقاض وحروب وقتل ودماء حكم إسلامي آخر وهو الحكم العباسي الذي جاء هو الآخر على انقاض وحروب وقتل ودماء حكم إسلامي اخر هو الحكم الأموي وهكذا، حيث أن البعض حينما يرى كلمة إسلامي (حكم إسلامي، حزب إسلامي، إعلام إسلامي،بنك إسلامي …) تبدأ عواطفه في الهيمان والتحليق دون وعي أو تبصّر.
كما سبق نحن نريد نظرة محايدة مجرّدة سياسية تارخية واقعية فلم يقل أحد أن الدين نفسه سيّء أو الإسلام نفسه سيّئ ، حتى يُغلق باب المتاجرة والمزايدات.
ولكن مايجب أن نعرفه ونعيه جيدا هو أن المحرّك الأساسي للسياسات والأحداث على الأرض وفي الواقع وموجّه الصراعات هو الطمع في الثروات والسلطة هذه هي الطبيعة البشرية المعهوده منذ بدء الخليقة وإلى نهايتها بغض النظر عن الدين أو العرق أو المكان أو الزمان .
فالعثمانيون طمعوا في العباسيين والعباسيون طمعوا في الأمويين والأمويون طمعوا في السلطة وحولوها إلى نظام ملكي وأسري بعد أن كانت بالمبايعه والإختيار كما كانت الخلافة بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام.
وهكذا لو تأملنا التاريخ والأحداث لأي بقعه على وجه الأرض عاش وتعاقب عليها الإنسان ليس العالم العربي فقط سنرى أنها سلسلة من تعاقب الطمع البشري، حينما يشعر الأقوى بضعف الأضعف يسيل لعابه ويأمر عقله في إيجاد عذر أو مبرر عرقي أو ديني أو غيره في كل مرة يطمع في ماهو لدى الآخر وهكذا إذا لم يطمع هذا في ذلك سيطمع فيه آخر.
حتى على المستوى التجاري حينما تشعر شركة بضعف شركة اخرى منافسة لها تسعى جاهدة في أن تستبعدها من السوق لتحصل على حصتها وما لها وما عليهاهذا إذا لم تحاول إضعافها أساسا.
وحتى على المستوى الشخصي أنت لا تحترم إنسان إلا إذا أجبرك هو على إحترامه حينما يكون له كرامة وعزة ويحافظ على هيبته وكيانه، أما إذا شعرت بضعفه وهوانه لاتجد عندك الرغبة لتحترمه وتهابه ناهيك عن طمعك فيه وفيما يملك أنت أو غيرك حيث إن لم تفعل غيرك سيفعل، ولاتقلق ستجد أنت أو غيرك لطمعكم عذر ومبرر.
نعود لعالمنا العربي حيث نجد أنه إستكمالا لمسلسل الطمع البشري وبعد ضعف وسقوط الإمبراطورية العثمانية وإحتلال وإنتداب الغرب لعدد كبير من الدول العربية وإتفاقية سايكس بيكو وتقسيم الدول العربية ثم تكوّن الجمهوريات والممالك والإمارات إلى أن أصبحت 22 دولة بما فيهم دولة فلسطين المحتلة إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه الان في معظم الدول العربية من خطر التقسيم والإنهيار والصراعات الطائفية وعدم ثقتنا بأنفسنا وفي بعضنا البعض والتدهور العلمي والإقتصادي والعسكري والحضاري والبشري..
الأيدلوجية والغطاء :
أعرف أن كلمة أيدلوجية ثقيلة على اللسان والعقل العربي ولكن لابد من فهمها واستيعابها فكما قلنا ليس هناك وقت للدلع أو الجهل أو الكسل، هي بشكل بسيط تعني لغوّيا علم الأفكار حيث كلمة أيديا تعني فكرة ولوغوس تعني علم.
وعمليّا هي : المنظومة الفكرية التي تحكم وتوجّه أداء كائن ما (إنسان، شركة،مدينة، دولة …) وبالتالي تحدد طبيعة وجوده وبقاؤه وقيمته وهويته ووضعه ومكانته في الوجود.
والغطاء هو الحماية التي تستظل بها الأيدلوجية ويحمي بقاءها وفعاليتها.
هناك مثال لابد منه لتوضيح معنى الأيدولوجية والغطاء لترسيخه في الأذهان.
لو أراد أحدنا أن يرتدي ثوبا ما، وكان الطقس مُمطرا وموحلا ، ماذا سوف يفعل؟
بعد أن يرتدي الثوب الذي أعجبه وإرتضاه لنفسه والذي يعتقد أنه مناسب لهويته لابد له من وجود مظّلة ليحمي بها وجود وبقاء وفعاليّة الثوب الذي يرتديه وبالتالي يحمي وجوده وبقاءه هو نفسه.
وهكذا لا غنى لأحدهما عن الآخر وجود الثوب يتطلب وجود المظلة والعكس صحيح.
بالعودة إلى عالمنا العربي، نجد أن هناك تقريبا أربع أيدلوجيّات تصارعت وتتصارع معا من أجل فرض نفسها على فكر المواطن العربي وطبعا كل منها له الغطاء المناسب بالإضافة إلى أيدلوجية خامسة تحاول أن تُوجد لها مكان.
الأربع أيدلوجيات تندرج تحت خطاّن رئيسييان متناقضان.
الخط الأول هو خط المقاومة والممانعة والإنغلاق ويندرج تحته:
_أيدلوجية القومية والزعامة والعنتريات.
_أيدلوجية الدين السياسي بدرجاتها وألوانها المختلفة ( تكفيري جهادي- إخواني – سلفي – عصري خفيف (مودرن) – شيعي )
الخط الثاني هو خط المسايرة والمخالطة والإنفتاح ويندرج تحته :
_أيدلوجية الخدمات بالوكالة (سيرفس).
_أيدلوجية المناداة باللبرالية والديمقراطية والحريات.
أعتقد أنه لاداعي للشرح المطوّل وضرب الامثلة فالعناوين تتحدث عن نفسها والواقع يعكس ذلك، فالخط الأول كلنا نعلم ماذا فعلت بنا أيدلوجية الزعامة والمناداة بالقومية حتى وإن كانت قومية عربية والشعارات الرنانة وإن حققت مكاسب فالخسارة أكبر وأشد وطأة وهي خير معين لأعداؤنا والطامعين فينا في إستفزازنا لإرتكاب الأخطاء الفادحة بحماقة وغرور لتتحقق له المكاسب الكبيرة في وقت قصير أكثر بكثير مما يقدمه لهم حتى العملاء والخونه أنفسهم.
وأيدلوجية الدين السياسي التي تستخدم من الدين مظهره تغازل عواطف وجهل الناس هي أيضا لا تقل رونقا وجمالا وإغراءا بالنسبة لأعداؤنا والطامعين فينا لأنها أيضا تحقق لهم المكاسب الكبيرة والسريعة وتساعدهم في بث الفرقة وتأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية والدخول في دوامة يصعب الخروج منها والبعد عن الواقع السياسي والإقتصادي و صرف وعي الناس عن هدفهم الأساسي وهو الطمع في الثروات والوجود والأرض ولهذا هم يدعمون الحركات الدينية السياسية بمختلفة درجاتها.
وفي الخط الثاني على النقيض أيضا أصبحنا نعلم ماذا فعلت وستفعل بنا أيدلوجية الخدمات بالوكالة من حيث الضلوع والمشاركة في تنفيذ مشاريع الدول الكبيرة ،كما يفعل الممثل مع المخرج حينما يعطيه دور في مسرحية ثم الحصول على الحماية والوعود.
أيدلوجية قصيرة المدى ولا تستمر طويلا وأيضا خسائرها أكثر من مكاسبها على المدى الطويل ومعروف ما تنطوي عليه من فساد مالي وإداري وعبودية للمال والسلطة.
لأن المشاريع تتغير وموازين القوى العظمى تتغير وسقف المطامع في الأضعف يزيد لايقل والمصالح والظروف العالمية تتغير ومطالب الشعب نفسها تتغير بتغير الفكر والنضج ودرجة التقدم وصبر الشعب على الفساد لابد له أن ينفذ وينفجر في وجه الفاسدين والظالمين ولو بعد حين حتى لو كانت العواقب وخيمة.
ورابعا أيدلوجية المناداة باللبرالية والعلمانية والديمقراطية وما الى ذلك خصوصا في الفترة الأخيرة من جماعات وحركات شبابية وغيرها الكثير منها يصطاد في الماء العكر ويريدون المناداة بالشئ لا الشئ ذاته حتى يظل مصدر الدخل مفتوحا والتمويل الأجنبي مستمر ومن يمولّهم هو نفسه من يمول جماعات الدين السياسي الذين هم على النقيض حتى تستمر الفوضى والصراع والشعب والبلد هما الضحية.
لا أحد يكره الحرية والديمقراطية ولكنها لا تأتي بين عشيّة وضحاها ، فهي لها أهلها ومن يستحقها بعد خطوات وخطوات من التدريب والتأهيل فالحرية ليست مقطوعة من شجرة بل هي لها أم وبنت.
الحرية هي بنت الأهلية وأم المسؤلية . لابد أن يعلم من يطالب بالحرية والديمقراطية أن له أم وبنت يجب أن يلتزم بهما.
ولابد له أن يحدد موقفه منهما ويسأل نفسه هل أنا أهل للديمقراطية ؟ هل أنا سأتحمل المسؤلية الكبيرة الناجمة عنها؟ ومن يدعوه الى هذا دون توعية وتأهيل وخطوات علمية عملية مدروسة هو كمن يلقي به في بحر دون أن يعلّمه السباحة.
الأيدلوجية الخامسة هي أيدلوجية الأقليات من الغير عرب أو الغير مسلمين:
يوجد في المنطقة المسمّاه بالعالم العربي من الكرة الأرضية مواطنون وأصحاب أرض قد يكونون من حيث العرق والقومية غير عرب إلا أنهم يتكلمون اللغة العربية وعاداتهم وتقاليدهم لا تختلف عن العرب وأيضا يوجد مَن هم غير مسلمين من أتباع ديانات أواتجاهات ومعتقدات أخرى سماوية أوغير سماوية.
عاداتهم وتقاليدهم لا تختلف كثيرا عن المسلمين ويتكلمون أيضا اللغة العربية . البعض من هؤلاء من المقيمين داخل العالم العربي وخارجه للأسف يدّعي الظلم والتمييز والإضطهاد وإن كان هناك بعض من هذا أحيانا فهم يضخمون ذلك ويتاجرون به في الخارج والداخل ويحاولوا أن يوجدوا أيدلوجية مستلقة وهوية مستقلة لهم تفصلهم عن وطنهم الكبير وعن أهلهم وذويهم والذين تجمهم روابط تاريخية وجغرافية وإجتماعية وأسرية وإقتصادية وهم بذلك لن يجلبوا إلا الخراب لهم ولعالمهم العربي الذي هم يعيشون فيه ولهم كل الحق فيه.
والذين يشجعونهم على ذلك بعد أن تنتهي مهمتهم سيرفعون أيديهم عنهم ويتركونهم يواجهوا مصيرهم بعد أن استخدموهم ولن تنفعهم محاولات المتاجرة بإسم التفرقة والعنصرية في شئ.
أعتقد أن الرؤية الان أصبحت واضحة نوعا ما في ما يخص سبب مشكلة عدم وجود إتحاد عربي كونفدرالي الى الان.
حيث الخمسة ايدلوجيات الرئيسية تتصارع معا وتتنافس على عقل وفكر المواطن العربي ولا تحظى أحدهم بأغلبية وذلك على مستوى وظروف الدول العربية بشكل عام و أيضاعلى مستوى الشعوب عامة أو داخل كل دول على حده.
وكما هو معروف أن الاتحاد والوحدة من خلال اتجاه واحد حتى لو خطأ أفضل من وجود اتجاهات عديدة بعضها صواب وبعضعها خاطئ، لان تعدد الاتجاهات سيؤدي حتما الى الدمار والانهيار والموت.أما الاتجاه الواحد حتى لو خطأ يؤدي إلى المرض والضعف،وطبعا نحن لا نريد موت ولا مرض.
ولكن نحن لايوجد لنا أيدلوجية (ثوب) على مقاسنا جميعا أو على مقاس أغلبيتنا وبالتالي لا يوجد غطاء(مظلة) يغطينا ويظللنا ويحمينا من شر الطمع البشري ممّن هو أقوى.
ولهذا أيضا لايمكننا أن نلوم بشكل قاطع أي دولة عربية أو فئة معينة داخل العالم العربي على اتخاذها أيدلوجية معينة حتى لو كانت خاطئة ولا يحق لنا أن نتهم بعضنا البعض ونكيل للبعض الشتائم والإهانات بالحماقة والتهور أو التطرف والرجعية أو الإنحلال أو العمالة والخيانة وما إلى ذلك لأن الدولة أو الفئة التي إختارت أيدلوجية معينة لم تجد البديل العربي ولم تجد الحضن الدافئ والحقيقي والفعّال الذي يمكنه إحتضانها وحماية مصالحها وإحتواءها لتسير في فلكه وبه وله فسارت الى ما سارت إليه طبقا لظروفها الداخلية والخارجية هذا بصرف النظر عن إن كان هناك فساد أو تجاوزات.
إذن السبب الرئيسي في عدم وجود إتحاد عربي كونفدرالي إلى الآن هو عدم وجود أيدلوجوية واحدة (ثوب واحد) تناسب وتقنع وتوّحد أغلبيتنا لتمهد الطريق إلى وجود هذا الإتحاد كغطاء (مظلة) وتشعرنا بأهميته وبالحاجة الشديدة إليه.
ماهو الحل الوحيد للمشكلة والحاجة إلى فكر جديد؟
حل المشكلة هو في إزالة سبب المشكلة أي في إيجاد أيدلوجية واحدة مناسبة لأغلبيتنا وتضمن لنا تحقيق ما نريد من عيش في عزة وكرامة حيث أن الوحدة الفكرية هي الأساس وهي التي ستقودنا إلى الوحدة السياسية والوحدة الإقتصادية والجغرافية والعسكرية.
أهم الشروط الواجب توافرها في الأيدلوجية المطلوبة هي أن لا نشعر معها أننا غرباء عن أنفسنا أو عن الآخرين.
ولكن من أين ننطلق بالشكل الصحيح حتى نصل إلى الأيدلوجية المناسبة؟
كما يقال إذا عُرف الداء عُرف الدواء ، إذا نقطة الإنطلاق الحقيقية هي معرفة محور الصراع بين البشر على مر التاريخ وإلى النهاية.
محور الصراع هو الطمع في الثروات المادية وغيرها والسلطة وإن اتخذ هذا الصراع أغلفة دينية أو عرقية وخلافه ومهما اختلف أطراف الصراع أفراد أو جماعات أو امبراطوريات أودول أو دويلات ومهما اختلفت أشكاله وأنماطه .
كل طرف يريد أن يستولي على الطرف الاخر ويزيحه من طريقه ، تماما مثل ما تفعل بعض الشركات معا كل شركة تريد أن تخرج الشركة الأخرى من السوق وتستأثر بحصتها أو على الأقل تضعفها وتهمشّها.
فمن يبني أيدلوجيّته الفكرية على أساس غير هذا هو كمن يغرّد خارج السرب ويترك الساحة للآخر الذي حتما سيكون في منتهى السعادة لأن منافسه لا يعي ولا يدرك هدفه الحقيقي.
من هنا نلتقط طرف الخيط وهو أن الأيدلوجية المناسبة يجب أن تتسم بالتفكير بإسلوب المصلحة العملية (البيزنسية) ولا بأس من إستخدام كلمة إنجليزية لأن معناها ومدلولها هو المطلوب وذلك حتى يتم الحفاظ على المحور والهدف وهو الثروات بمختلف أنواعها وليس المادية فقط.
وإن كان الإنطباع عند البعض مع الأسف عن كلمة ( بيزنس) أنها تعني التفكير المادي وأنه لا قيمة للمعنويات أو المصلحة الجماعية أو مصلحة الوطن أو المضمون أو ما إلى ذلك فهذا تفكير سطحي ساذج فكل شيء يخضع لحساب الأرباح والخسائر والتكلفة والعائد حتى لو كان هذا مادي أو غير مادي وهناك من يمارس البيزنس والتفكير العملي بشكل مخلص ونزيه ويراعي مصلحة الفرد والجماعة والوطن ومن هم حقا يتعاملون مع الأمور بعقليّة رجال الأعمال وليس رجال المال وهناك من هو فاسد نظره قصير ومن يريد الربح السريع بدون تنمية حقيقية كما هو الحال في أي مهنة وأي مجال.
وطبعا في التفكير بإسلوب المصلحة العملية لابد أن تكون المصلحة المطلوبة هي مصلحة طبيعية حتى لايفقد الإنسان إنسانيته ويتحول الى مجرم ومعتدي وظالم لنفسه ولللآخرين فيخسر العلاقة مع نفسه ومع الله. من هنا تأتي الحاجة إلى الإيمان بالله حتى يكون للإنسان مرجع وقيمة كبيرة يخشاها ويحرص على التواصل معها.
وبهذا نصل إلى كلمتان في غاية الأهمية في حياة الإنسان وهما الإيمان والعمل.
فالإيمان بدون عمل مجرّد خيالات وروحانيات فقط وبعد عن الواقع ودروشة بدون فائدة، ومن ثم ترك الساحة بكل مافيها للآخر.
والعمل بدون إيمان لايستمر طويلا ولايكون عمل نزيه مستقيم ويفقد الإنسان إنسانيته.
فالعمل يحمي الإيمان والإيمان يحمي العمل.
وبهذه الأيدلوجية الفكرية المبنية على الإيمان والعمل نكون قد أرضينا كل الأطراف وكل الإتجاهات والأيدلوجيات المختلفة في العالم العربي.
_ الإسلاميين وأنصار الإسلام السياسي وذوي المرجعيات الدينية على إختلاف مذاهبهم وطوائفهم ودرجاتهم وجماعاتهم:
لايقول أحد أن الهوية الإسلامية أفضل من الهوّية العربية لأنه أساسا المقارنة خاطئة فهذا شئ وهذا شئ اخر حيث أنه في حياة الإنسان العديد من الهويّات المختلفة في مجالات مختلفة فهناك مجال نوع الجنس ذكر أم أنثى وهناك مجال الوظيفة مهندس أم طبيب مثلا و هناك مجال الدين وهكذا فكل مجال يخلق هويّة معينة فلا يصح أن نقارن مجال نوع الجنس مثلا بمجال الديانة إذن فالمقارنة هنا نوع من الجهل أو نوع من الجدال و المزايدة المغرضة والتعنّت ثم ان الإتحاد العربي الكنفدرالي على أساس أيدلوجية الإيمان والعمل والتفكير بأسلوب المصلحة الطبيعية العملية هو ليس على أساس القومية العربية فهذه شعارات وبضاعة فكرية زمنها ولّى ولن تفيد، بل كلمة عربي هنا تشير إلى مواطني الدول التي تنتمي إلى هذه المنطقة من العالم المسمّاه جغرافيا ولغويا وعمليا بالعالم العربي والتي يجب أن تتحد كنفدراليا ليس من منطلق العاطفة أو القومية العربية ولا شئ من هذا القبيل ولكن من منطلق المصلحة الطبيعية العملية الإستراتيجية لتحمي نفسها من الإنهيار ومن طمع الطامعين وتغطي نفسها بنفسها وتحقق لشعوبها التنمية والحرية والمساواة التي يتطلعون إليها والتي أصبح من الصعب خداعهم أو تسكينهم أو قمعهم.
بالعودة إلى جوهر الدين الإسلامي في القران والسنة :
في القرآن الكريم الاية 33 سورة فصلت ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا)
والاية 13 سورة الأحقاف( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )
وفي الحديث الشريف عن أبي عمرو سفيان الثقفي قال قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك قال قل آمنت بالله ثم إستقم) رواه مسلم.
وطبعا واضح من هاتين الآيتين الكريمتين والحديث الشريف أن الإيمان والعمل هو جوهر ومضمون الإسلام وأيضا في سورة قريش الاية 3 و4 ( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ- الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)
حيث يتجلّى هنا أنه لا توجد تنمية وطعام وشبع ومال (عمل) بدون امن وأمان وإستقرار(إيمان) والعكس صحيح.
وأيضا يمكننا إستخدام عقلنا ونجتهد قليلا لنفهم ونقتنع أكثر، فلو سألنا أنفسنا ما هو الإيمان أنا متأكد أن أغلبّيتنا يعتقد أن الإيمان هو الإعتراف بوجود إله.
هذا خطأ طبعا فلو كان الأمر بهذه البساطة لما كانت الآية الكريمة رقم 14 سورة الحجرات ( قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)
وطبعا واضح أنه ليس كل مسلم هو مؤمن حقيقي وأن الإيمان هو الأساس وهو ليس مجرد إعتراف بوجود الله بل الموضوع أكبر من ذلك.
ولما كان الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لايزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولايسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ) حديث صحيح
من هنا يمكن أن نستنتج تعريف الإيمان بالله على أنه التواصل مع الله.
حين يفقد الإنسان صلته مع الله يفقد إيمانه وإن ضعفت الصلة ضعف الإيمان.
والتواصل مع الله لا يكون بالعبادات فقط بل بالعمل أيضا وإن كانت العبادات هي عمل أيضا، إذا عمليا الإيمان الحقيقي هو العمل المستقيم بكل ما فيه من إتقان للعمل ونزاهة وتنمية وجودة ومساواة.
وبهذا تكون هذه الأيدلوجية الفكرية ليست بعيدة أبدا عن الإسلام بل هي قائمة على الجوهر والأساس الإسلامي.
_الإشتراكيين والثوريين والقوميين:
لن يكون هناك عدل ومساواة وقضاء على البطالة وشعور بالعزة والكرامة وقوة قومية إلا بالعمل والتفكير العملي (البيزنسي) المتماشي مع العصر أما التمسك بالشعارات والبضاعة الفكرية القديمة هو فقر فكري ولن يجدي نفعا أبدا.
وطبعا حتى لا يتحوّل الإنسان الى آلة ويفقد معنوياته وإنسانيته وضميره ومعيار الحقيقة لابد من وجود الإيمان.
_اللبراليين والديمقراطيين والعلمانيين
من لايملك غذاؤه لايملك حرّيته ، ولا غذاء إلا بالعمل والتفكير بإسلوب وعلى أساس المصلحة الطبيعية العملية هو الطريق و السلّم الآمن الذي يجب أن يسير فيه مواطن العالم العربي ليصل إلى الحرية والديمقراطية بالتدريج بعد أن يكون أهل لما تتم المناداة به والدعوة إليه.
_الأنظمة الملكية والأميرية
طريقة التفكير المطروحة هنا هي ليست ثورية أو إشتراكية أو قومية فهذه لغة قديمة كما سبق. بل هي طريقة تدفع المواطن إلى البحث عن مصلحته الطبيعية العملية بصرف النظر عن النظام أوطبيعة ومسمّى الحاكم ، ملك أو أمير أو سلطان أو رئيس المهم يكون عمليّا مديرا ناجحا يحقق التنمية المطلوبة والعدالة للدولة والفرد.
_الغير عرب والغير مسلمين في العالم العربي:
فكرة الإتحاد العربي على أساس أيدلوجية الإيمان والعمل والتفكير بأسلوب المصلحة الطبيعية العملية هو ليس على أساس قومية عربية أو إسلامية وخلافه بل هذا هو المسمى لهذه المنطقة من العالم على أساس جغرافي ولغوي وعملي كما سبق ، فهذا الفكر بكم ولكم ليس غريب عنكم ولستم غرباء عنه فأنتم أيضا شركاء في العالم العربي لكم ما للعرب والمسلمين وعليكم ما على العرب والمسلمين بل مجرّد التفكير بانكم أقلية وما إلى ذلك هو بداية الإنحراف الفكري ولن يجلب الخير لكم ولعالمكم العربي أبدا.