د.خالد ممدوح العزي./ بعاني لبنان من ازمة سياسية تهدد اليان والميثاق والعيش المشترك لعدم استطاعة الكتل السياسية من التوصل الى تسوية تساعد على انتخاب رئيس للجمهورية بعد انتهاء مدة الرئيس ميشال سليمان في 25 أيار \مايو الماضي .لا شك بان مشكلة الفراغ في كرسي الرئاسة ليس طبيعيا على لبنان ان يحاول البعض تسويق هذا الفراغ على انه حالة طبيعية تعود عليها اللبنانيون منذ زمن بعد شغور هذا الكرسي، والتي كانت في عام 1988 بعد انتهاء ولاية الرئيس امين جميل ،وفي العام 2005،بعد انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود،والتي ادخلت ولايته لبنان بأزمة حقيقية زاد في عمق الانقسام والاختلاف بين الشرائح والمكونات اللبنانية ،مما ادت لحدوث ازمة عرفت بسبعة ايار من العام 2008 ،والتي انتهت بتسوية الدوحة .فالفراغ الرئاسي هو ازمة فعلية وحقيقية تفرض على لبنان والشعب اللبناني ،فالمركز الماروني حسب توزيع المراكز اللبنانية ليس محصورا فقط بالطائفة المارونية المسيحية ،وإنما يخص كل لبنان نظرا لأهمية هذا الموقع في الوطن العربي ولرمزية الرئيس المسيحي وسط العالم الاسلامي والذي يدل على اهمية تنوع الوجود ألاثني والديني في المراكز لعليا للدول العربية بصفتها جزءا اساسيا من اكثرية المواطنين العرب ،وليس من اقلية او اكثرية طائفية .
لبنان دولة عربية ذات ميزة خاصة بسبب وجود رئيس ماروني و وجود مسيحي ناشط في الشرق اللذان يشكلان جسور التواصل والحوار مع الغرب بظل نمو مفهوم صراع الحضارات.
فالمشكلة في الرئاسة اللبنانية تكمن في القوى المارونية نفسها التي وضعت نفسها جزءا من تحالفات لا ترتكز على اهمية هذا الدور الذي يمثله الموارنة في التركيبة اللبنانية والمحيط العربي.
فالعقم هو بالأساس عند الموارنة الذين لم يستطيعوا انتخاب رئيسا للجمهورية وقد رضوا بان يكون هذا الموقع رهنا بالمساومات الداخلية اللبنانية والإقليمية ،وبالتالي الموارنة هم من اخفق هذا الموقع ولم يستطيعوا ايصال مرشح ماروني قوي للسلطة يحمي لبنان وشعبه ويحافظ على دور الموارنة المميز في الشرق العربي .بل اكتفوا بان يفاوض يرهم على مركزهم ومكانتهم .
يكتب الإعلامي والكاتب انطوان سعد في كتابه :” بقاء المسيحيين في الشرق هو خيار اسلامي لأنهم اكثرية ديمغرافية تمسك بمفاصل الحياة كافة ، كما ان بقاء المسيحيين في لبنان هو خيار مسيحي ، فان بقائهم على راس السلطة هو مسؤولية المسلمين اللبنانيين والعرب لأنهم الاكثرية الديمغرافية ، فعليهم المحافظة على هذا المكون المسيحي ،لان المسيحيين في لبنان قد فقدوا القدرة على المبادرة ،ولهذا يتعين بالدرجة الاولى على النخب الاسلامية ان تقرر ما ان كانت تريد ابقاء المسيحيين الى جانبها وان تكون سندا لهم ومساندتهم في الحفاظ على هذا الموقع المميز، والمحافظة على هذا الوجود المسيحي ، والمواقع المسيحية …(او حان الوقت لفض الشراكة التي دامت على طوال اربعة عشر قرنا من الوجود في ارض الاباء والأجداد)”.
فالتصريح الشهير للرئيس ميشال عون بان يشكل ثلاثية مع الرئيس سعد الحريري والسيد نصرالله ،كلام خطير جدا من رجل دولة ماروني لأنه يمس بالدستور والميثاق والاتفاقات والشراكة بين المسيحيين والمسلمين.
وبالتالية المثلثة التي يرتضيها الجنرال عون هي على حساب المسيحيين انفسهم “المثلثة التي تعني المداورة في الرئاسات الثلاثة، وبالتالي فقدان خصوصية لبنان”.فالمثلثة تعيد النظر في تشكيل الاتفاقات القديمة واستبدالها بجديدة من خلال هيئة تأسيسية جديدة تخدم طرف واحد من المكونات اللبنانية ضمن مشروع خارجي يكون لبنان فيه ليس دولة ،وإنما نقطة في استراتيجية دولة او محور للوصول الى طرح اهداف خاصة.
كاتب وباحث اعلامي مختص بالإعلام السياسي والعلاقات الدولية .