عماد الدين أديب/ استقالة أبو مازن في جيبه، وفي يقيني، وبمعرفتي بالرجل هو يكاد يقدمها لولا شعوره بالمسؤولية وخوفه من ترك الساحة السياسية لفراغ عظيم، وصدامات سياسية بين الفصائل قد تصل إلى مرحلة الحرب الأهلية.
الجميع يبيعون يوميا أبو مازن؛ الأميركان الذين وعدوه بان جائزة الاعتدال هي تسوية لدولة فلسطينية، والعرب الذين وعدوه بمساعدات مالية معظمها لم يصل، وانصاره في فتح الذين تآمروا عليه جهارا نهارا، والمفاوض الإسرائيلي الذي وعد بتقدم جزئي على مراحل.
الأميركان لم يعطوه شيئا، كذلك العرب، وكذلك إسرائيل، ومعظم العرب لم يدفعوا تعهداتهم المالية التي صدرت عنها قرارات علنية في قمم عربية.
إيران تلعب مع حماس، واسماعيل هنية ما زال مصرا على انه رئيس وزراء، وخالد مشعل يعيش في منافٍ عربية ما بين الدوحة وعمان بعدما فقد قاعدته الأساسية في دمشق.
كل شيء يتحرك ضد أبو مازن الذي اختار الاعتدال والواقعية والحفاظ على الخط الفتحوي الوطني.
الآن يجني أبو مازن عدة عقوبات متتالية من كافة الأطراف.
واشنطن تعاقبه لانه ذهب إلى اليونسكو مطالبا بعضوية كاملة، وتل أبيب تعاقبه لانه ذهب إلى الجمعية العامة مطالبا بحق المعاملة كدولة مستقلة، وإيران تعاقبه لانه لم يدافع عن المشروع الإيراني النووي، ودمشق تعاقبه لانه دافع عن حقوق الفلسطينيين في المخيمات، وحزب الله يعاقبه لانه يرفض استخدام فلسطينيي مخيمات لبنان في اللعبة الداخلية اللبنانية.
الجميع يتخلى عن أبو مازن، ثم ينتقلون من بعد التخلي إلى العقوبات المؤلمة للإجهاز على الرجل ثم النظام والافكار السياسية التي يمثلها.
ويتم الآن التجهيز لما يعرف بربيع فلسطيني بدعم من حماس لانهاء نظام السلطة المتهم بالتخاذل والفساد والديكتاتورية من قبل جماعة حماس.
وجاء في بيانات حماس الأخيرة وصف أبو مازن «بالديكتاتور» وتم وصف خطابه الأخير بانه «فتنة سياسية»، وتم التشديد على ضرورة رحيله عن الحكم.
وفي يقيني، أبو مازن زهق، وأصابته حالة من «القرف السياسي» وخيبة الأمل الإنسانية في كافة أطراف اللعبة السياسية وفي الدائرة المحيطة به.
هل يفعلها أبو مازن ويحزم حقائبه أم يستجيب لنداء انصاره في السلطة ويبقى حتى الرصاصة الأخيرة؟
عن الشرق الاوسط السعودية