محمد العروقي / رئيس تحرير موقع أوكرانيا اليوم
منذ أن وقعت الأطراف المعنية بالأزمة الأوكرانية في 12فبراير 2015 على اتفاق ” مينسك2”، والذي يقضي بإعلان هدنة جديدة ووقف إطلاق النار في شرق وجنوب أوكرانيا، الا وان الحديث يكثر يوما بعد يوم عن طرق ووسائل تسليح الجيش الاوكراني بشكل كبير، في ظل اتهامات لروسيا بتسليح الانفصاليين من جانبها.
لا شك ان الهدنة الحالية حققت نجاحا ملموسا، وعاد سكان المناطق الشرقية رغم الدمار والخوف ليعيشوا حياة شبه طبيعية، بعيدا عن صوت المدافع والانفجارات، كذلك هناك التزام كبير من طرف القوات الحكومية الأوكرانية، وقوات الانفصاليين بسحب الأسلحة الثقيلة من الأماكن التي تم الاتفاق عليها من اجل إيجاد منطقة عازلة، والأهم من ذلك، هو التنسيق الأوروبي الروسي لزيادة عدد المراقبين التابعين “لمنظمة الامن والتعاون الأوروبي ” في مناطق النزاع وتسهيل وصولوهم لأي منطقة يرغبون بها من اجل مراقبة الأوضاع عن كثب.
رغم ذلك وبتحقيق بعض النجاحات الملموسة على الأرض، لا تجد بتصريحات المعنيين بالأزمة الأوكرانية أي نبرة تفاؤلية، بل ان لغة التهديد والوعيد، هي سيدة المشهد الإعلامي، بل يحاول كل طرف من الان القاء اللوم على الآخر في حال فشلت او انهارت الهدنة ويمكن تلخيص مواقف أهم الأطراف بالتالي:
الموقف الروسي:
لازالت روسيا حتى الان تواجه اتهامات، بدعم وتسليح الانفصاليين رغم الهدنة، بل جاءت بعض الاتهامات لها من الغرب بدخول دباباتها الى داخل الحدود الأوكرانية، بعد الهدنة، كما وتشير التقديرات الاستخباراتية الغربية الى نية الانفصاليين بدعم روسي من الهجوم على مدينة ماريبول الساحلية بدايات مطلع الربيع.
روسيا بالطبع تنفي كل ما سبق وتتهم أوكرانيا بعدم الالتزام باتفاقيات مينسك، ولا يخلو يوما من دعوة المسؤولين الروس، لنظرائهم الأوكرانيين بتطبيق ما تنص عليه اتفاقيات مينسك2، كذلك تتهم التيار القومي المتشدد بالسلطة في كييف، بمحاولة افشال اتفاق مينسك، واستعداد الجيش الاوكراني، للخيار العسكري رغم الهدنة، اعتمادا على امل ان تقوم الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية بتسليح الجيش الاوكراني بسبب فشلهم بإيجاد حلول اقتصادية للبلاد.
الموقف الغربي والاوكراني:
لازال الغرب و رغم سريان اتفاق الهدنة، يتحدث بلغة التهديد و الوعيد لروسيا في حالة استمرار دعمها للانفصاليين او تقويض تلك الهدنة، و لعل الخبر الأبرز كان ” هل سيوافق الرئيس الأمريكي على دعم الجيش الاوكراني بأسلحة فتاكة”، في ظل أحاديث أيضا عن وصول بعض شحنات الأسلحة الامريكية الغير الفتاكة لأوكرانيا ، كما تلوح أوروبا بزيادة العقوبات الاقتصادية على روسيا في حال عدم التزامها.
الخلاصة يمكن استنتاجها ان الثقة معدومة بين روسيا من جهة والغرب وأوكرانيا من جهة أخرى، وكل طرف يعتقد ان الهدنة استراحة محارب، لإعادة رص الصفوف لكل طرف وتقرير الخطوة القادمة.
كما ان غياب الرؤيا السياسية للحل في أوكرانيا، تجعل مسالة تفجر الأوضاع مثل القنبلة الموقوتة، فاتفاق “مينسك” و رغم مفاوضات ماراثونية استمرت زهاء 17 ساعة لم يجلب الا وقف اطلاق نار، لم يجتمع بعده المعنيون بالأزمة من اجل البدء بتنفيذ خطة سياسية يمكن ان تحل بالسلام في البلاد ، كما ان الاجندة السياسية بين الحكومة الأوكرانية و الانفصاليين متباعدة جدا ، فبرغم الحديث يدور عن وضع خاص لإقليم ” الدونباص” ، نجد ان الحكومة الأوكرانية غير مستعدة للجلوس مع قادة الانفصاليون ، فيما يعتبر الانفصاليون انفسهم دولة مستقلة و قراراتهم مستقلة و على حكومة كييف الاعتراف بذلك.
المراقب للأوضاع باوكرانيا يعرف ان طريق الحل مازال طويلا و ليس سهلا، و خاصة بعد ان اصبح الملف الاوكراني ، احدى ملفات الضغط السياسي بين روسيا و الولايات المتحدة ، و خرجت المسالة من سيطرة الاوكرانيين فيما بينهم لحل مشكلتهم داخليا ، لذلك يعتقد الكثيرون ان الهدوء بالشرق الاوكراني ما هو الا استراحة “محارب” ، قد تقودنا الى فصل جديد من فصول الصراع في أوكرانيا.