أيها الشعب العربي الكريم..بقلم د. نوفل حمداني
24 أغسطس, 2019
الأخبار, ثقافة و فنون, جاليات, مقالات
ايها الشعب العربي الكريم…من المحيط إلى الخليج….تحياتي لك وسلاماتي في هذا اليوم الجديد الآخر ..وقد أحببت أن أتوجه لك برسالتي هذه..علك تفهم معنى الكلام…
رغم أني أشك صراحة..لأنني أشعر أنك أيها الشعب العربي الكريم، بعد أن تنتهي من قراءة كلماتي ستكون منزعجا كثيرا… وإعذرني هنا على تسلطي- فإنه يحق للشاعر ما لا يحق لغيره-.
كما أحب أن أشير إلى أن طريقة و أسلوب ما ستقرأه إستعرته مجازا من أحد المدونيين..فإن وجدت تشابها فلا تلعني و لا تسبني ..فإنه من باب النقل والتصرف لا غير .
إذن ..أيها الشعب العربي الكريم ..أعلم أنك بارع في التشخيص .. بارع في رصد المشاكل و الاختلالات.. مبتكر في التحليل .. بل و لك قدرة هائلة على تفسير كل شيء .. نعم -كل شيء- .. نحن نستطيع أن نكون محللين في الدين و الرياضة و الفن و السياسة و الاقتصاد و العلوم ..
نحن شعب يتقن الكلام .. و يتقن اللعن والسباب .. و يتقن التنصل من المسؤولية و متخلف كل التخلف عن القيام بالواجب ..
نحن شعب يقدم لك جوابا عن كل سؤال .. و لا يهمه إن كان الجواب صحيحا أم خطأ .. المهم أنه يجيب .. و إن اعترضت عن الجواب الذي قدم لك .. فأعلم أنك قادر على الرد على أي إعتراض كان، وحتى على إعتراض الإعتراض… و مستعد للمواجهة حتى آخر رمق .. المهم أنك على صواب –كما تعتقد أنت-.
نحن شعب يجلس في المقاهي لساعات يناقش التفاهات و يغتاب هذا و ذاك، و يلعن الحكومات و الوزراء و الرؤساء والسياسيين.. و يريد دولة حق وعدل وإنصاف و يبحث في داخله عن دولة مثالية فيتمنى أن تكون كفرنسا أو أمريكا أو الدانمارك..
نحن شعب يشاهد مباريات كرة القدم .. و يحفظ تفاصيل لاعبي الفرق المشهورة عالميا.. يعرف أدق التفاصيل ، الأجور والملابس والصديقات و الأخلاء.. و في حالة ما – هو مستعد للتخاصم و التشاجر بل القطع مع هذا وذاك من أجل لعبة تافهة..
نحن شعب يلعن البلدية التي لا تجمع النفايات التي أرميها أنا أو أنت أو هو أو هي من نافذة السيارة أو المنزل .ونحن نلعن وبشدة موظفي البلدية الذين لا ينظفون الساحات العمومية التي أنجسها أنا أو أنت بالبول أو بقايا السجائر ..
نعم أنا واحد من أبناء الشعب الذي يلعن شركات حافلات النقل العمومية التي لم تغير زجاج الحافلة أو الترامواي التي كسرها إبني، أو إبنك رميا بالحجارة.
نحن نسب البلدية التي لم تغير مصباح الإنارة العمومي والذي كسره طفلك أو طفلي و هو يمارس هوايته المفضلة اليومية وهي الرمي بالحجارة..نعم فنحن نطبق بالحرف الواحد:”علموا أبنائكم الرماية…” ..
نحن قوم يلعن غلاء الأسعار و يتسابق في الشراء و التكديس .. و يرمي بقايا الأطعمة الوفيرة بعد ذلك. ورمضان خير دليل على أنانيتنا..فنحن نخرج إلى الأسواق فنشتري ما نشتري..كأنه يوم الحشر آت… ونملأ الطاولات بالأكل والشرب كأن قافلة من الضيوف ستحل علينا…ونحن أصلا في البيت شخصان أو ثلاث على الأغلب..
نحن شعب نلعن المهرجانات الموسيقية والفنية ، لكننا نحضرها بكثافة و ونملأ ساحاتها .. و نرقص و نصرخ في سهراتها..
نحن شعب تجد الموظف منا يترك رأس عمله و يجلس في المقاهي مع أصدقاءه وخلانه يلعن الدنيا وما فيها وإن حدتثه عن واجبه قال ..”تريث يا هذا، أهذا أجر أتقاضاه” ..
نحن أمة يخرج موظفوها وعمالها ورجالات الدولة فيها لأداء صلاة الجمعة و نترك المكاتب فارغة، وننسى أن الدين يؤكد على أن العمل عبادة..وأجر العمل لن يقل عن أجر الصلاة إن أديته بشكل حسن…
نحن شعب يلعن المعلمين و الأطباء و المهندسين و الموظفين و رجال الأمن و التجار و الحرفيين و المقاولين .. مع أن الشعب هو كل هؤلاء .. فالشعب يلعن بعضه بعضا لا لشيء، ولكن لأنه تعود على التذمر..
نحن شعب نريد زيادة في الأجور و لا نريد الزيادة في الإنتاج .. نريد المزيد من الحقوق و لا نؤدي القليل فقط من الواجبات..
نحن شعب لا يقرأ و لا يحب الكتاب.. نحن شعب نستهلك الخمور أكثر من الحليب .و نستهلك الأطنان من المخدرات.. وندخن مليارات السجائر في السنة.. ولكن نحن نحرمها كلها أمام الملأ في إطار العولمة و النفاق الإجتماعي- عفوا فإن للضرورة أحكام .. ..
نحن أمة نشجب الرشوة و الفساد والزبونية و .. ولكننا إن إحتجنا لشيء ما كنا أول الراشين والمفسدين ..”حلال علينا حرام عليهم”.
فيا أيها الشعب العربي الكريم… طبت وطاب ممشاك و تبوأت من الجنة مقعدا…ها أنت اليوم و أخيرا تعرفت على صدق نفسك و عرفت بعد قرائتك لتلك السطور أعلاه أنك من نتحدث عنه.. ربما أكون مخطآ .. وربما أكون قد نسيت الكثير من السلبيات أو النقائص لم أذكرها..
المهم هو أنك قد عرفت أنه عليك يا “شعبي العزيز” أن تحقف مع نفسك ولو لوهنة..حاسب نفسك و أسألها: أيا نفس أقدمت لوطني شيئا؟ إن أجابتك بـ”نعم”.. فنم فعين الله ترعاك، لأانه ما فاز ألا النوام …وإن أجابتك بـ “لا” فسبها و إلعنها لكي تستفيق من غفلتها و تبدأ هي الأخرى طريقها نحو التنمية و التصحيح …
وأعلم أيها “الشعب الكريم” أنك إن عدلت ونفسك..ستجد سر الوجود…