هادي جلو مرعي / يبدو إن الفترة الممتدة من حزيران الماضي وحتى إعلان النتائج لإنتخابات البرلمان التركي في الأول من نوفمبر كانت كافية ليستعيد حزب العدالة والتنمية زمام المبادرة ويوجه لخصومه ضربة قاتلة ويطيح بآمالهم في تجاوزه أو منعه من تشكيل حكومة أغلبية وهو ماتحقق لهم في الإنتخابات الماضية التي إستطاعت قوى المعارضة حينها وقف مسيرة أوردوغان لفترة وجيزة على أمل تحقيق مكاسب أكبر مع الوقت، وهو طموح عززه نوع الصراع السائد في المنطقة والنزاع السوري، والحرب ضد حزب العمال الكردستاني.. حزب الشعب الجمهورية وحركة الشعوب الديمقراطية الكردي كانا في طليعة الرافضين لسياسة أوردوغان على مدى السنوات الماضية، وتمكنا من حشد الجهود التي دفعت البعض للخروج الى الشوارع، وإعلان رفض تلك السياسة.
تأتي الإنتخابات الأخيرة بينما الطائرات التركية تقصف مواقع لحزب العمال الكردستاني في جنوب شرق تركيا وفي مناطق كردستان العراق، وقيامها كذلك بقصف مواقع لتنظيم داعش وقتل العشرات من عناصره في الحسكة السورية، وهو تطور لافت لجهة شعور أوردوغان إنه يعيش حال الإستقرار، ويسعى إليه، وقد نوه الى ذلك رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو الذي أكد إن النتائج تشير الى أن الأتراك يريدون الإستقرار، وإن تركيا تريد السلام ومحاربة الإرهاب، وإنها ستواصل طريقتها في التعامل مع القضية الكردية وتعاطيها مع العلمانيين الذين يخشون من نوع جديد من الإستبداد يفرضه رجب طيب أوردوغان وتعززه النتائج الأخيرة، لذلك أشارت مصادر في حزب الشعب الجمهوري إلى إنها لم تحصل على الفرصة لتنسيق عملها والإستعداد جيدا للإنتخابات، بينما هاجم الأكراد تلك النتائج، وخرجوا في مناطقهم محتجين ومتهمين حزب العدالة بتسخير إمكانات الدولة لصالحه والدفع ليكون في المقدمة دون منافس وهو ماحصل بالفعل.
النتائج الحالية مختلفة تماما عن تلك التي أدت إليها إنتخابات حزيران الماضي. فالأغلبية التي فقدها العدالة والتنمية تعود مجددا وتتيح تشكيل الحكومة دون إعتراض من الخصوم الذين سيكون من الصعب عليهم الظفر بعدد من المقاعد يمنع حراك العدالة والتنمية فهناك 316 مقعدا حصل عليها العدالة من أصل 550 مقعدا وهو رقم يتجاوز النسبة التي يحتاجها الحزب لتشكيل الحكومة بمفرده، وهذا ماكان يسعى إليه رجب أوردوغان، ووصل بالفعل الى منتهاه، وإحتفل مع أنصاره الكثر به حتى الفجر بطريقة تظهر الخصوم وقد إنهاروا تماما وعاشوا في أجواء من الصدمة وخيبة الأمل.
رجب طيب أوردوغان ليس هينا، وهو يمتلك قدرات هائلة، ويستند الى منجز جيد على مستوى الإقتصاد والسياسة وظروف اللعبة الإقليمية والدولية والصراع الداخلي، لكن ذلك لايلغي أن له خصوما عنيدين في الساحة التركية من الصعب تجاوزهم، وربما سيدخل معهم في معركة لن يهزموا فيها، لكنهم لن ينتصروا عليه، الآن على الأقل.