ناصر اللحام / أصدقائي وأخوتي غدرتنا اليابسة، وخانتنا الرمال المتحركة ، خدعتنا الوصايا العشر.
سأبذل ما تبقى من جهدي وعقلي ووجودي وحياتي من أجل تحقيق ميناء غزة… لان البحر هو جارنا الوفي، والبحر صار نافذة الامل وحدودنا الى العالم. لا كرامة لنا ولا وطن حر ولا مستقبل من دون البحر… وسأسعى بكل قوتي الصغيرة لاقناع العالم ان الميناء هو الطريق الأقصر لتحرير الارض والانسان ، ولانجاز حلم الأجيال.
وكنت في مقالة سابقة كتبت أنني أغار من اهل مصر لانهم يحبّون بلادهم بشكل جميل وتلقائي ورائع، واتمنى ان قادة وأبناء فلسطين يحبون فلسطين مثلما يحب أهل مصر بلادهم، راقبتهم في ثورة يناير وحتى اليوم ، ورأيت ماذا تعني لهم الاسكندرية وسيناء، وكيف انتفض كل مصري دفاعا عن النيل والاهرام وقناة السويس، وكيف أنهم مستعدون للموت من أجل كل ذرة رمل في أرض مصر.
انا أحب مصر ، ولكنني أحب غزة أكثر.
وأتمنى ان يفتح معبر رفح، لكنني لا أتنازل عن حلمي الفلسطيني وحقي في ميناء بحري أخرج منه الى العالم من دون أن أستأذن اخي وشقيقي وجاري في مصر او اية دولة عربية اخرى، أعشق مصر ولكنني لست مضطرا الى شهادة حسن سلوك لاثبت ذلك ، ولا أحتاج الى موافقة اجهزة الامن العربية من اجل ان أسافر الى ابنتي في فرنسا أو أرافق ولدي الى السودان.
لم يعد معبر رفح قضية أمنية ، بل قضية كرامة وطنية بحتة. والأشقاء في مصر ساعدوا عرفات في اقامة الميناء قبل عشر سنوات ، وأنا متاكد انهم سيقدمون لنا يد العون مرة اخرى ونحن نعيد تشغيل الميناء، وأؤكد انني وكل فلسطيني، لو أن عدوا جاء يحارب مصر لذهبت بنفسي أتطوع في جيش مصر وأدافع عن المحروسة ، لكن هذا أمر وذاك أمر مختلف تماما.
ولا يعجبني الطريقة التي تتحدث فيها القيادات الفلسطينية كلها، ومن كل الفصائل بلا استثناء. وأنا أراهم يطلبون باستحياء واستجداء ميناء غزة ومطار غزة . وكأنهم بحاجة لأن يعتذروا من أحد . وهذا غير مقبول. فمصر وكل مصري سيفرح لنا من كل قلبه حين يرى الاسطول البحري الفلسطيني يمخر عباب البحر وينقل البضائع . الاسطول البحري الفلسطيني الذي كان من أهم سفن الدول العربية عام 1948 قبل ان تسقط يافا وحيفا وتذهب السفن الى ميناء بيروت ولا تعود مرة اخرى . بل ان اهم المؤرخين اللبنانيين يؤكدون ان سفن فلسطين هي التي ساهمت في تطوير وتقدم ميناء بيروت نحو كل قارات العالم . ولا نقول تسليم غزة لسلطة عباس فهذا كلام ممجوج وصغير ويهين الشعب الفلسطيني ، لان هناك دولة فلسطين الواحدة وشعب فلسطين الواحد وحكومة فلسطين الواحدة أيّا كان من يحكمها ، سواء عباس او حماس.
فلسطين دولة ، ولا تحتاج موافقة أمنية من مصر أو الاردن او سوريا او لبنان من أجل ان تتعافى وتستقل، بل تحتاج الى مساعدة لوجستية من مصر والاردن وسوريا ولبنان من أجل أن تستقل وتعيد تشغيل ميناءها.
قد تفشل المفاوضات لوقف اطلاق نار مع الاحتلال، وقد تنجح. وسواء فشلت او نجحت فان مطلب الميناء امر لا مندوحة عنه ، ولتعرف تل ابيب اننا لن نقبل بعد الان ان نرى مجندة اسرائيلية واحدة على جسر أريحا، نريد مطار في الضفة الغربية ونريد ان نسافر الى الاردن بقارب عبر البحر الميت .
واذا اسرائيل يزعجها ذلك لتعلن تنصلها من اتفاقية اوسلو… فاسرائيل وقعت على ذلك ولكننا نسينا حقوقنا وفقدنا رشدنا عشرين عاما في دهاليز المفاوضات .
كنت ولا أزال انني جندي احتياط في جيش الدفاع الفلسطيني ، وحين نشبت الحرب التزمت مثل كل مواطن بنداء وطني ، ورفعت رأسي بأهلي ومقاومتي ، وانا لست مؤيدا للتيارات الاسلامية، ولكنني أفخر بكتائب عز الدين القسام وسرايا القدس وجميع الكتائب مثلما أفخر وأكبر بأجهز الامن الوطني الفلسطيني . لانهم أهلي وحماة الوطن . وحين وضعت الحرب أوزارها عدت الى عملي المدني. تماما مثلما عاد الاحتياط الاسرائيلي.
وحين تستدعي اسرائيل الاحتياط مرة اخرى… سنقول نحن أيضا: لبيك يا فلسطين، ونطيع اوامر الثوار ونقول لهم: حاضر سيدي.