أنابيب الغاز الأوكرانية بين صراع النفوذ والطموحات الأوروبية
26 سبتمبر, 2016
أخبار أوكرانيا, الأخبار
أوكرانيا اليوم / كييف/ تؤمن أنابيب الغاز المارة في أوكرانيا، التي تنقل نصف الغاز الروسي المستهلك في أوروبا، ملايين اليورو لخزينتها، لكنها تسببت لكييف أخيرا بمواجهة مع الجهات المانحة.
فبعد سنتين ونصف على الانتفاضة التي أدت إلى زوال الحكم الموالي لروسيا، تكشف الصعوبات التي تواجهها السلطات الموالية للغرب، في المواءمة بين طموحات الانضمام الأوروبي والصراعات الجارية في قمة الدولة، للسيطرة على هذا المورد الأساسي.
وقد تُعرض هذه الصعوبات للخطر قسما من المساعدات الغربية، فيما استعاد الاقتصاد الأوكراني اخيرا ازدهاره، بعد ازمة استمرت سنتين. ما يقف خلف الفضيحة قرار يبدو بيروقراطيا في الظاهر.
ففي بداية ايلول/سبتمبر قررت وزارة الاقتصاد نقل الإشراف على شركة «أوكرترانسغاز» المشغلة لـ38 الف كيلومتر من أنابيب الغاز التي تعبر الأراضي الأوكرانية. وباتت هذه الشركة التي تدر أموالا طائلة وتشكل في الوقت الراهن فرعا من شركة نفطوغاز الرسمية، تتبع مباشرة للوزارة.
واوضحت السلطات انها ارادت تجنب نزاع بين مسؤولي الشركتين الاستراتيجيتين بامتياز، لأن «اوكرترانسغاز» تحمل موسكو على دفع نفقات النقل التي بلغت مليار دولار في 2015.
لذا، وبموجب الاتفاقات المعقودة مع الاتحاد الأوروبي، يتعين على أوكرانيا في نهاية المطاف فصل «نفطوغاز» عن «أوكرترانسغاز»، حتى لا يتسلمهما المالك نفسه، اي الدولة. ويتعين احترام قواعد المنافسة الأوروبية في قطاع الطاقة التي تفرض الفصل بين إنتاج الغاز ونقله وتوزيعه.
وبدلا من ان تعرب عن تقديرها لعملية الفصل الواضحة هذه، لم ترحب الجهات المانحة الغربية لكييف بهذا القرار. وقالت هذه الجهات ان هذا القرار الذي لم يكن متوقعا لا يعطي «أوكرترانسغاز» الاستقلال المطلوب، بل يضعها تحت الإشراف المباشر للحكومة، كما يحصل على صعيد نفطوغاز، شركتها الام.
لذلك حذرت اأمانة سر مجموعة الطاقة التي تضم الاتحاد الأوروبي والدول المجاورة، كييف من عواقب يمكن ان تنجم عن هذا القرار، «وتعرض للخطر دور أوكرانيا بصفتها بلد عبور».
واعربت «نفطوغاز» عن قلقها من ان يؤدي هذا القرار إلى تهديد ارصدة تبلغ ملايين الدولارات التي وعد بها البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية والبنك الدولي قطاع الغاز الأوكراني، الذي يواجه صعوبات من جراء نقص الوسائل المستمر منذ سنوات والازمات المتكررة مع روسيا.
تشويه السمعة
وقد دفعت الضغوط رئيس الوزراء فولوديمير غرويسمن إلى عقد اجتماع في منتصف ايلول/سبتمبر مع أبرز المعنيين والسفير الأمريكي في كييف، ومندوبين عن البنك الأوروبي لاعادة الاعمار والتنمية والبنك الدولي. واسفر الاجتماع عن تغيير جديد تمثل في إبطال القرار.
وقالت الحكومة في بيان ان «رئيس الوزراء أكد خلال الاجتماع للمشاركين التزامه بمعايير قطاع الطاقة». وأضافت «تقرر بالنتيجة الغاء هذا القرار».
وفي تصريح خاص قال المتحدث باسم البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، انطون اوسوف «فهم الأوكرانيون الوضع. حصل تفاهم كبير حيال ما يتعين القيام به».
وأوضح المحلل فالنتين زمليانسكي ان ما يحصل هو في المقام الأول صراع «مصالح بين اطراف السلطة للسيطرة على هذه التدفقات المالية». وأضاف هذا الخبير في اكاديمية العلوم ان «أوكرانيا وجهت ضربة قاسية لسمعتها جراء هذه الفضيحة».
وتعرف أوكرانيا بفسادها المزمن. وعلق صندوق النقد الدولي طوال اكثر من سنة مساعدته الحيوية للاقتصاد المأزوم في هذه الجمهورية السوفياتية السابقة، لأسباب منها الثغرات في التصدي لآفة الفساد.
إلا ان الصندوق ذكر في 15 ايلول/سبتمبر، انه سيستأنف مساعدته، ووافق على دفع مليار دولار لأوكرانيا ورفع yجمالي المبالغ المدفوعة إلى اكثر من 6.7 مليار دولارات.
نقلا عن القدس العربي