أوكرانيا اليوم / كييف / أليكسي لوسان/ اتفقت روسيا مع أوكرانيا والاتحاد الأوروبي قبل بضعة أيام على استئناف تصدير الغاز الروسي إلى أوكرانيا، ومن المقرر أن تقوم شركة ”
غاز بروم” الروسية بتصدير 5 مليارات متر مكعب من الغاز خلال الأشهر القريبة القادمة شريطة أن تسدد أوكرانيا ديونها البالغة 3.1 مليار دولار، بينما يرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن الجانب الأوكراني وافق مبدئياً فقط على الشروط الروسية.
تم خلال اللقاء الثلاثي الذي جمع كلّا من روسيا وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي في 28 سبتمبر/ أيلول الاتفاق على استئناف تصدير الغاز الروسي إلى أوكرانيا. ذكرت ذلك وكالة الأنباء الروسية ” إيتار تاس”، نقلاً عن غونتير إيتنغر، المفوض الأوروبي لشؤون الطاقة، وبحسب قوله، فإن أوكرانيا وافقت على دفع 3.1 مليار دولار، وأن روسيا سوف تستأنف تصدير الغاز بسعر 385 دولاراً لكل ألف متر مكعب، غير أن هذا الاتفاق يحمل طابعاً مؤقتاً، فخلال ستة أشهر يتعين على الجانبين العودة لمناقشة هذه المسألة. وأوضح المفوض الأوروبي أنه يتعين على أوكرانيا أن تدفع مبلغ 3.1 مليار دولار حتى نهاية العام كديون لشركة “غازبروم” مقابل الغاز المستورد.
بدورها، تلتزم الشركة الروسية بتزويد أوكرانيا بــ 5 مليارات متر مكعب من الغاز، وإعطائها الأفضلية لاستيراد 5 مليارات متر مكعب أخرى. وسيجري الدفع على مرحلتين، حيث تسدد أوكرانيا دفعة أولى لشركة “غاز بروم” 2 مليار دولار خلال مدة لا تتجاوز شهر أكتوبر/ تشرين الأول مقابل الغاز المستورد، ثم ما لا يقل عن مليار دولار بحلول نهاية هذا العام.
مواقف الأطراف
يرى الخبراء الاقتصاديون أن شروط الاتفاقية الأولية تلبّي متطلبات شركة ” غازبروم” تماماً، ومنها على وجه الخصوص، أن الجانبين ناقشا سعر الغاز خلال المباحثات بما يتراوح ما بين 258 و485 دولاراً مقابل كل ألف متر مكعب، وتوقفا بالمحصلة عند 385 دولاراً لقاء تقديم حسم بقيمة 100 دولار مثلما اقترحت ” غازبروم”.
ويقول غريغوري بريغ المحلل في شركة ” إينفيست كافيه” الاستثمارية بأن ” الشروط المتفق عليها مناسبة لشركة ” غازبروم” “، وبحسب قوله، فإن ” جميع الأطراف المشاركة في المباحثات مهتمة بهذا الأمر، وعلاوة على ذلك فإن ” غازبروم” مهتمة بالاستمرار في بيع الغاز لأوكرانيا، وفي أن تعيد كييف وبروكسل ( الاتحاد الأوروبي) النظر، بشكل فاعل أكثر، بسياسةَ خفض الاعتماد على الغاز الروسي”. أوكرانيا بدورها، برأي الخبير بريغ، مهتمة بالبقاء مركزاً آمناً لعبور الغاز الروسي نحو أوروبا، وهو يضيف أنه ” من أجل ذلك، ينبغي على أوكرانيا الاستمرار في ضخ الغاز الروسي إلى الخزانات تحت الأرضية لتأمين عبوره غير المتقطع إلى بلدان الاتحاد الأوروبي ولتأمين المستهلك الأوكراني ” بالوقود الأزرق” خلال فصل الشتاء”.
وجدير بالذكر أن شركة ” غازبروم” قامت في يونيو/حزيران من هذا العام بتحويل أوكرانيا إلى النظام مسبق الدفع. ومنذ ذلك الحين لا يُصَدَّر الغاز عملياً إلى هناك بسبب الديون المتراكمة سابقاً. ووفق تقديرات ” غاز بروم” فإن الدين الإجمالي المترتب على شركة ” نفطوغاز” الأوكرانية يصل إلى 5.3 مليار دولار. وفي هذا الصدد يقول إيليا بالاكيروف، كبير المحللين في شركة ” UFS” الاستثمارية:” نظراً لأن الاتحاد الأوروبي يتحمل الأخطار، فمن المحتمل أن يأخذ على عاتقه عبء تمويل الديون الأوكرانية لدفع ثمن المستوردات، علماً بأن الاتحاد الأوروبي نفسه مهتم للغاية بحل هذه المسألة في أسرع وقت ممكن”.
الآفاق المستقبلية
بصورة عامة، ووفق تصريح غونتير إيتينغير، فإن الحسابات النهائية بشأن الديون لن تُختتم قبل صيف 2015، لا سيما أنها سوف تعتمد على قرار محكمة التحكيم في استوكهولم. وإذا ربح الجانب الروسي في المحكمة فإن مبلغ 3.1 مليار دولار سوف يُقتطع من المبلغ الإجمالي للديون. ويقول دميتري بارانوف، الباحث في شركة ” فينام مانيجمينت” للإدارة، بأنه” نظراً لتوصل الجانبين إلى اتفاقية بهذا الشأن، فيمكن التأكيد على أنها مفيدة لروسيا وأوكرانيا على حد سواء.
ولذلك فمن غير المناسب الحديث عن أن أحد الطرفين قد حقق ” انتصاراً ” على الآخر”، وبحسب قوله” بشكل عام، توجد لدى روسيا وأوكرانيا فرص لبدء العلاقات في قطاع الغاز من نقطة الصفر، ويحدونا الأمل أن يحدث ذلك بالفعل”. أما إيليا بالاكيرف فيبدي حذراً أكبر بهذا الخصوص، حيث يقول:” ما زلنا نتابع الاتفاقات التي تم التوصل إليها بشأن السياق العام للحل الوسط المحتمل، وهذا يتطلب تنسيق تفاصيل غير قليلة”، ومنها على وجه التحديد أن الجانب الأوكراني أعلن عزمه على عدم تسديد أية ديون، ولكنه مستعد لتسديد 3.1 مليار دولار مقدما، كدفعة مقابل شحنات الغاز الجديدة “.
وتكمن المشكلة، بحسب قول إيليا بالاكيروف، في أن الجانب الأوكراني أظهر أكثر من مرة خلال الأشهر الستة الماضية ميلاً نحو خرق الاتفاقيات المبرمة وعدم تنفيذ الالتزامات التي أخذها على عاتقه، ويتابع بالاكيروف بأنه ” إذا استطاعت أوكرانيا قضاء فصل الشتاء بصورة مريحة نسبياً، فإن من المحتمل جداً أن تتكرر هذه المهزلة في العام القادم أيضاً، ولن يكون ذلك انتصاراً لأوروبا أو لشركة “غازبروم”.
وبرأي هذا الخبير، فبالنسبة لشركة ” غازبروم” سوف يكون هناك انتصار في المباحثات إذا ترافقت الاتفاقية مع حزمة التسهيلات الأوروبية بخصوص السيل الجنوبي والشمالي (الخطان البديلان لتوريد الغاز إلى أوروبا)، وفي الوقت الراهن فإن خط ” السيل الشمالي” الممتد عبر قاع بحر البلطيق من روسيا إلى ألمانيا يعمل بنصف طاقته فقط، أما تنفيذ مشروع ” السيل الجنوبي” عبر قاع البحر الأسود فقد توقف مؤقتاً، لأن الجانب الأوروبي يرى أن هذا المشروع لا يتناسب مع مطالب حزمة الطاقة الثالثة الأوروبية.