NB 5796 635178549485119712 أوكرانيا

أعرِب ما يلي: معركة القلمون

محمود بري / لبنان اليوم يعلو على الحديث عن معركة القلمون. يبدو وكأن لا أحد يهتم بما يكفي بتشكيل NB 5796 635178549485119712 أوكرانياالحكومة “المستعصية” ولا بانتخابات الرئاسة لجمهورية تهتزّ أركانها، وهي الانتخابات التي باتت على الأبواب، ولا حتى بالوضع الاقتصادي الضاغط على “شعب من الفقراء تحكمه قلّة من الأثرياء”.

معركة القلمون : لا صوت في قلمون هي مركز الاهتمام. السياسيون يغرقون في شبر ماء “الخبريات” التي يتنسّمونها من هنا وهناك ويروح كلٌ منهم يفلسفها ويوجهها حيث يخدم مصلحة “سيده”، أشباه المحللين الإستراتيجيين ونجوم الـ”توك شو” الرائج يستشرفون مستقبل تلك المعركة بما يصبّ في خانة الجهة التي تقود أهواءهم، وعامة اللبنانيين المُبتلين بلوثة “السياسة”، يثلّثون الزوايا ويربّعون الدوائر، واثقين، كالعادة، من أنهم يصنعون التاريخ داخل فناجين القهوة التي يحتسونها.

لكن، وبعيداً عن هذه الجعجعة التي بلا طحين، يتواصل دويّ الإنفجارات الثقيلة على طول ما يُسمّيه اللبنانيون “سلسلة الجبال الشرقية” الممتدة من جرود بلدة عرسال في أقصى الشمال حتى مشارف البقاع الغربي في أقصى الجنوب، مشتملة على مسميات جغرافية عدة منها: القلمون، سرغايا، الزبداني، النبك، يبرود، صيدنايا، معلولا، المعرّة، رنكوس وجبال عسال الورد…

ي السيطرة على مثلث جرود عرسال – القلمون – الزبداني، وهي الرئة التي تتفّس منها المعارضة السورية رجالاً وسلاحاً وعتاداً وأموالاً، ولا سيما بعد اهتزاز حبل السرّة التركي في الشمال وتردد النظام الهاشمي في الجنوب الشرقي.

وهكذا تتظهّر الأهمية الستراتجية لهذه المعركة بالنسبة لطرفي النزاع، وتتأكد

المعارك الدائرة في هذه المناطق ليست لزوم ما لا يلزم. فالسيطرة عليها هي ما يضمن بشكل عملي الحماية الحقيقية لدمشق العاصمة، وتقطيع أوصال الجبهة الواسعة التي تفتحها أنواع المعارضة على الدولة والنظام، من حلب وحمص وحماة إلى ريف دمشق والغوطتين والشرقية والغربية وصولاً إلى تخوم الحدود مع الأردن. الثقل الأساسي لهذه المعركة- الحرب يتمثّل بدايةً
فبالتالي ضخامة الإنعكاسات التي سوف تترتّب على مآلات هذه المعركة. فإذا انتصرت فيها الدولة والنظام، يمكن اعتبار ذلك مثابة مسمار ثخين يُدقّ في نعش “الثورة”، وإلا فإن مصير الأسد ونظامه يصيران على المحك.

عوزه الدقة، بمعنى أن أهمية المعركة الراهنة تزيد بكثير في الميزان الستراتيجي عن تلك التي كامن لمعركة ريف القصَير. فهنا المعركة أكبر وأوسع وأشمل ويجوز توصيفها بالحرب، ثم إنها تتطلّب تكتيكات قتالية مختلفة عم تلك التي اعتُمدت في ريف القصَير، وتحتاج إلى قوات أكبر وأشمل وأكثر تنوّعاً، هذا فضلاً عن المساحات الشاسعة (والمعقّدة) التي ينبغي السيطرة عليها. وإذا أضفنا إلى ذلك الطبيعة الجغرافية الجبلية القاسية للمنطقة، ووفرة المفازات الضيّقة والأجراف الصخرية والمغاور الطبيعية فيها، لتبيّن أنها منطقة محصّنة بذاتها، ويمكن لعدد محدود من المقاتلين المتمرّسين فيها مزاجهة جيوش كبيرةوإلحاق الكثير من الخسائر بها. فكيف سيكون الحال إذا تذكرنا “قدرة الجنرال ثلج” وحقيقة أن آلاف المقاتلين المجرّبين الذين نجوا من مواجهات القصَير قد انتهوا إلى السلسلة الشرقية، وأن لديهم أحقادهم وخبراتهم وطبيعة الأرض ووفرة السلاح والعتاد…؟

هذا كلّه يشير إلى أن المعركة المشتعلة في تلك الجبال لن تكون نزهة، لا للجيس السوري النظامي ولا لقاتلي “حزب الله” المهابين، ولا بالطبع لألوان المحاربين في ضفة المعارضة.

وما يزيد الأمر وحشة وخطورة أن , ويلاحظ أن الأهمية الكبيرة لهذه المواجهة الدائرة في أشد مناطق سورية ولبنان وعورة، دفعت العديد من المراقبين إلى تشبيهها (من حيث انعكاساتها) بمعركة القصَير التي انتهت لصالح الأسد. وهذا تشبيه صائب إنما 

تذه المعركة ستكون آخر أكبر معركة يخوضها المعسكران المتواجهان، والمنتصر فيها سيرمي بخصمه المهزوم خارج اللعبة. إلى ذلك، وهنا الخطورة المتوقعة على لبنان بشكل خاص، فإن مسلّحي المعارضة لن يكون بإمكانهم الفرار شمالاً نحوحرستا وريف حمص ن هذه المناطق هي اما تحت سيطرة جيش النظام واما في مرمى نيرانه. كذلك لن يمكنهم الفرار جنوباً لأن المنطقة كلها ستكون مشتعلة، ولا شرقاً باتجاه دمشق لأن العاصمة باتت مسيّجة بقوات الجيش السوري بعد تقدّمه الكببير في ريف العاصمة كما في الغوطتين. وبالتالي فسوف لن يبقى أمامهم سوى الفرار غرباً أي باتجاه عرسال والأراضي اللبنانية. وهذا يعني مطاردتهم داخل عرسال والأراضي اللبنانية، ما يجعل من لبنان ساحة لمعركة يخوضها آخرون لا يسألون عن البشر والشجر والحجر والمدنيين والبُنى التحتية في ساحة معاركهم. هذا على افتراض أن كانت الغلبة للجيش السوري وحلفائه. أما في الحالة الأخرى، فسوف تعود مسألة معركة احتلال دمشق من قبل المعارضة مطروحة بقوة. وعندها قد تجدها إسرائيل فرصتها الذهبية لشنّ حربها الموعودة على “حزب الله” وترساناته البشرية والصاروخية، أو ربما لشنّ هجومها المجنونة على القدرات النووية الإيرانية.

عندها ستصدق مخاوف الرئيس الأميركي من حرب لا بد أن تأخذ طابع العالمية هذه المرة، بوجود روسيا التي لن يكون بإمكانها تضييع كل ما بنته في السنوات والأشهر الأخيرة من سمعة وقدرة ووجود على مستوى العالم.

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …