د.محمود نصار/ بعد إنتهاء حرب العراق ووصول الأزمة العربية ذروتها بالخلافات بين الدول وظهور أحلاف سميت بدول الممانعة ودوّل اخرى يمكن ان نسميها عدم الممانعة وهي التي على علاقة طيبة مع امريكا والغرب وكلاهما قد اسقطوا من حساباتهم القضايا القومية العربية واختبؤا خلف شعاراتهم طمعا في تعزيز الحكم الداخلي وتثبيت سلطتهم عن طريق مهاجمة الحلف الآخر ودعم معارضته منا أدى الى تصاعد وقوة تيارات دينية ووطنية في البلاد العربية والتي ساعدها إنتشار الفساد وإنعدام قيم العدالة المجتمعية وكانت النتيجة هذا الربيع الذي لم يترجم الى اخضرار الارض ونبت قيم جديدة سعت لها الشعوب .
وفي ظل هذة الأحداث سال لعاب كل من ايران الساعية للانتقام من العرب الذين دعموا صدام طوال سنوات الحرب ضدها من جهة ومن اخرى إيجاد أوراق قوية بالمنطقة العربية تستطيع من خلالها ان تفاوض العالم على الوضع الجديد الذي تصبو اليه فوجدت في ظلال الشيعة وحرب الله ودعم المقاومة الفلسطينية فرصتها وعمقتها بشعارات كبيرة للدفاع عن فلسطين والقضية المركزية .
اما العثمانيين فوجدوا في تيار الاخوان المسلمين شريدتهم وراهنوا عليه طامحين الى عودة الخلافة والسلطنة محافظة في نفس الوقت على عضويتها في حلف الناتو والتزامها بدستوره الذي لم يخفى في دورها في الحرب على العراق وتمزيق الشمال العربي ليصبح لقمة سائغة لديها واستغلت الربيع الليبي والسوري لتدعم الحركات الدينية المسلحة من جهة ثم تفتح ذراعيها للمهاجرين السوريين لا للتعاطف إنما لفرض دورها كمرجعية ووجود
ومن الجدير بالذكر ان خلال كل هذة الأحداث لم يلتقي المتصارعين في حلبة واحدة ولم تفتح بينهم ساحات معارك واقصد ايران وتركيا وذلك في انتظار ان يسقط الثور العربي وبعدها لكلا نصيب من لحمه .
اما على المستوى الدولي فلقد استطاعت ايران ان توظف جميع اوراقها فهي المسيطرة فعليا ونافذة في العراق وبهذا قد آمنت حدودها وضمنت عدم اعادة تجربتها مع صدام اما حزب الله فهو ايضا القوة الفاعلة في لبنان وأخيرا انتزعت اعترافا دوليا بأنها قوة نووية وألغت الحصار الاممي الاقتصادي عليها لتشرف بعد ذلك على مرحلة جديدة نحو قوة إقليمية وعالمية لها وزنها .
واما تركيا فهي تشحذ أسنانها لقضم سوريا وابتلاعها وتشدد من دعمها للإخوان في كافة أماكن تواجدهم لظنها انهم مفتاحها للسيطرة على ورثها القديم في العالم العربي وتشجع التصدي للشيعة لاضعاف نفوذ غريمتها ايران في المنطقة ولكنها لم تتورط عسكريا في كل ذلك ولو بجندي واحد مما زاد من قوتها وخاصة امام اوروبا الذي رفضت انضمامها للاتحاد الاوروبي وحصلت على اتفاق مع روسيا يؤهلها ان تتحكم في توريد الغاز الى اوروبا عبر انابيب تمر بأراضيها مما سيرفع من شأنها وقوتها الدولية في المستقبل .
أما نحن العرب فأشبه بالكرة التي تتلاعب بمصيرها اقدام اللاعبين في المستطيل الأخضر من المحيط الى الخليج ونحرز دائماً أهداف في مرمانا .