%D8%A7%D8%B3%D9%85%D9%87%D8%A7%D9%86 أوكرانيا

أسمهان بدير–الصورة واللغة الشعرية في نص قبس من الجنوب .. أياد النصيري

 

 

نبض صادق يتعالى في صراع مع حواس الجسد لينطلق في أفق الوعي اللامحدود

%d8%a7%d8%b3%d9%85%d9%87%d8%a7%d9%86بخصوبته المترامية في الأفق الطلق يبحث عن معالم جديدة لحلم جديد 0

و من هنا يبدو لنا أن العزف على أوتار قصيدة  الشعر الحر  يحتاج إلى قوة تخزينية للصورة الشعرية بحيث تدهشك معالمها دهشة ً تنقلك دفعة واحدة إلى عالم آخر كما و تحتاج إلى لغة مختزلة ترتقي مفرداتها إلى قاموس ينقلك عبر أثير روح الكلمات ليرسم أبعاد الهدف الذي يتحدث عنه نص قبس من الجنوب-(-للشاعرة الدكتورة اسمهان بدير-)-ذلك القبس المضيء- الممزوج  بالجمال الانوثي للفتاة البطلة من جنوب لبنان (سناء محيدلي-)-وساعة تشظي جسدها في عمق ارض العدو الصهويني– وقبس من نور الله لسبط الرسول محمد ص–الحسين بن علي–الذي استشهد لنصرة الدين واستقامته-في ارض كربلاء– وقبس يضيئ على ضفاف نهر دجلة — ومعالم بغداد–صور بلاغية وحروف رسمت باتقان– للحياة والانسان وعشق الاوطان–ومعالمها–وصورها –وتراثها المجيد– وثقافتها–الفكرية والادبية من صوت وشعر الخنساء والتغني بكل اوجاعها وقهرها وحالاتها–

هدفان متكاملان و متسارعان في الوصول بالقارئ إلى اللحظة الشعرية الفطرية التي تبعث في النفس حقيقتها ( الصورة الشعرية – اللغة الشعرية )–نص تغريك مفرداته المتوقدة بالعاطفة الصادقة لأن تقرأ بوح تلك الكلمات التي  نحتتها الشاعرة من نسغ روحهاالمجدولة على صهوات الجراح 0

نص تنوعت موسيقاه و لكنها في النهاية شكلت جنازة من الفرح يزكوا أريجها في أنوف اطفال فلسطين والعراق وسوريا واليمن ولبنان–وجسد صار عنوانا للشهادة لتلك المناضلة الشابة (الشهيدة سناء)– ليبدأ معنى جديد يحمله صهيل الجراح التي لن تخمد جذوتها فقد بلغ السيل الزبى و تحولت السيوف إلى موعد مع فتح جديد 0

فالفكرة هنا حادة واضحة موضوعية مباشرة، بيد أن الموسيقى تعطيها بعدًا فنيًا وكابحًا لانجرافها المعرفي العلمي الواضح.

لقد كانت اسمهان تستحضر المعادلة النهضوية من خلال تأكيد على ارتكازها على البعد الحضاري الأصيل لهذه البلاد، فهي لا تفتا بالتذكير بهذا البعد، مستحضرة أهميته في نداءاتها الوطنية المتكررة 000 لم تكن هذه القصيدة الوحيدة التي تغنت فيها الشاعرة الوطن العربي  فقد أسكنته من نصوصها الكثير ولعل أجملها  (المجد لوحدتنا الكبرى )والتي تتحدث عن بحار الوطن العربي كافة حيث لا فصل بين قطر وقطر، وفيه أيضا قصائد حكت الحس العروبي للشاعرة مثل قصيدة (لبناني )والتي تتغنى فيها بالقدس، وقصيدة (رقصة الاعصار0)0وقصيدة وطنية جميلة (دمشق يامدينة  السلام-)-(وامواج الغروب،00)ونص اخر لايختلف عن قصائدها الوطنية  والتي تغنت بها لموطنها ( بيروت تخاف البحر-)- ولاتنسى دور الشهيد في قصائدها التي كتبتها  وروعة نصها–باسم ( الشهيد– ) وكذلك (ادخلوها بسلام امنين)–وعدة قصائد اخرى—-

يشترط بالنصوص الادبية الوطنية ان يكتنفها اسلوب واقعي مباشر يدركه الانسان العادي وشرائح المجتمع قاطبة في الشارع  والمنزل والمقهى وان يكون بعيدا عن السريالية والرمزية وتحت خيمة نظرية الادب للمجتمع وما دامت المدرسة الواقعية تهتم بقضايا الانسان ، جاء نص( قبس من الجنوب )  مطلقا ومطابقا لنبض الشارع ومعانقا للوضع السياسي الذي يمر به الوطن العربي وهذا هو المطلوب حصرا..

. .

تضمر الشاعرة خلف لغة النص الرمزية والايقاع الموظف فيها دلالات عميقة فقد منحت نفسها الحرية التامة في الافادة من البناء اللغوي الشعري والتشكيل الايقاعي النابض به وفيه، فجاء النص لوحة رمزية متلونة الايقاع ذات مضمون يجمع مشاهدُهُ واجزاءه خيط دلالي موحد، يمكن لنا ان نستشف من خلاله دلالات شتى منها ماهو ماض نابض تقابل به الحاضر البائس، فتعبر عن ازمنة ووقائع وحضارات ومعارف ومحن مر بها الوطن، ومنها ما تصور به واقع الامة الذي يلوب ويكابد نتيجة عوامل خارجية طرأت عليه. وربما أعطى النص نبوءات متوقعة سوف يؤول اليها الامر فيما بعد

 وشاطيء دجلة يمثل عدة دلالات ، الدلالة السياسية والدلالة الجغرافية والدلالة الثقافية

كان ومايزال نهر  دجلة لحناً شجياً عرفته قصائد الشعراء فعزفوه أنغاماً عذبة ترنموا به فبثوه جميل قصائدهم حيث كان لهم السمير والمناجي ، الصديق والخليل فكما يروي عطشهم وكما يضمهم في فرحهم وحزنهم في تعبهم وراحتهم ردوا بعض الجميل في معزوفات شجية عذبة ذهبت خالدة كخلود دجلة وعظمته .

ففي بداية النص نجد.

إن الحوارية الداخلية هنا تبدأ قبلًا من عالمها الخارجي المحيط بالوطن، حيث المآسي في العراق وطعنة الخليج، وهموم الأمة، وهي مآس حملت بكللها على قلب الشاعرة  التي لم تطقها، وراحت تندب وتتألم حتى أطل «الوطن» فكان مخلصًا لهذه المعاناة، عبر أمل يمنحها، ونور يضيئه في حلكة الظلام؛ ولذا تعود الشاعرة  متمالكةذاتها ومشاعرها ليرسل للوطن اعتذاره عن الوصول إلى حد الصمت الذي يغني عن كثير من الكل

 

وفي هذا  النص تورد الشاعرة الكثير من الأحداث الوطنية التي مرت بالعراق الثائر بالرغم من اللوم الذي توجهه إلى ملوم مسكوت عنه 00 لذا عرجت اسمهان بدير في نصها الى ميدان (الطف) (الطف) . بالفتح والفاء المشددة . وهو في اللغة ما أشرف من أرض العرب على ريف العراق . وانما سميت طفا لأنه دنا من الريف. من قولهم خذ ما طف لك واستطف ـ أي ما دنا وأمكن ـ  سمي الطف لأنه مشرف على العراق . من أطف على الشيء بمعنى أطل. والطف طف الفرات أي الشاطئ الذي استشهد فيه  ( الحسين بن علي بن ابي طالب (عليه السلام ) وأصحابه وهي أرض بادية قريب من الريف .وكانت صورة جميلة ربطت  معنى الشهادة الروحية وعدم الاستسلام لاي قوى حيث شهادة سبط الرسول ص– من اجل الحق والدين والارض-وشهادة الانسان من اجل الوطن ضد الظالمين والمحتلين–

ولذا يصبح الوطن في رؤيتها حبًا وأملًا، عشقًا آنيًا، وإشراقًا يرى أهمية المبادرة والاستعداد للنهوض؛ ولذا تراها أحيانًا تمزج الحب والولاء والوفاء والتضحية لهذا الوطن

إن التطلع إلى جوانب الصورة يضعنا مباشرة أمام مستوى يحرك صورة الماضي ليسلط الضوء على صورة الحاضر

من جهة، وعلى صورة المستقبل من جهة ثانية. ووقفة عند صيغة “من زمان  الى زمان ات  تدخلنا في هذا المستوى

الذي تطرحه الشاعرة  اسمهان  فهي تنقل   الصيغة بكل ماضيها،لتقول بضرورة الالتفات إلى ما سيأتي مع التوقف عند المغزى.

وعلى المستمع أو القارئ أن يعي مباشرة أنه أمام صورة الاحتلال المنظور، في مساحة الحاضر، وهذا الاحتلال

سيكون في قادم الأيام، مجرد خرافة تغوص في أحشاء هذا الزمان، وستكون كل الممارسات الموغلة في القسوة

والبشاعة، مجرد صورة قبيحة  يذكرها التاريخ في الدلالة على هذا الاحتلال الذي كان-  وطبيعي أن الانفجار يمكن أن

يتمثل في الانتفاضة الباسلة في الوطن المحتل والتي تشكل ثورة وبركان وأغنية للشمس والسحر،

فكان ابداع الشاعرة اسمهان بدير    في هذا النص الذي كان أهمَّ ما برزت فيه وأجادته، وفيه تألّقت حين تعمل على تجسيم أحزانها فهي تختزن في ذاتها وهجاً من عواطف ملتهبة ومشاعر مكبوتة تنطلق مع التعبير الذاتي عن المواجع الإنسانية،

فالرثاء إنما يصدر عن روح فياضة بالشجن مشحونة بالألم،

وتكتب  الشاعرة  نصوصها وصورها الوطنية عن مايدور في عالمنا ووطننا ولاتزال دجلةَ تشكو القهر  ولاتزال تغلي بالحنق الذي استثار غضب الشاعرة وشجونها،  الشاعرة التي تغنت لبغداد وزارتها والقت بعض من قصائدها  لازالت تتطلع0 روحها على بغداد وأمّ بغداد، فتــرتدّ جازعة مـــــن رجـــــس الشياطين، مفتقدةً طهر الملائك، متطلعة إلى يومٍ عصوف جارف عرم، يطيح بكلّ الذي تشكو منه وتعانيه، لعلّها ترضى عقباها وتغني لحن الحياة، وستظل في أسماعنا وأعماق وجداناتنا – نحن الحالمين بدجلة الخير وبغداد العدل والحرية

 ضميرها الصادق وارادتها الحرة وذکاءها العميق جعل عاطفتها الصادقة تخرج من ضميرها الواعي ومعظم هذه العاطفة کرّستها في خدمة الشعب والوطن فاتّسمت بالوطنية وطرح قضايا الوطن وهمومه السياسية والإجتماعية والإقتصادية، وعالجتها في اطار الإلتزام الواعي کاشفة نقاط الغضب في کيان المجتمع

.يتصف أسلوب   الشاعرة اسمهان بالصدق في التعبير والقوة في البيان والحرارة في الإحساس، لهذا طبعت  اسمهان في ذهن القراء ومحبي شعرها  من کل جيل مفاهيم وقيماً شعرية انسانية لاتزول. وإلتزمت في شعرها  قضية الشعب والوطن وراحت تعالجها في کل حدب وصوب –

ان ذات الشاعرة تفصح عن علاقتها الجدلية مع محيطها الخارجي فالوطن هو هم الشاعرة فالقصيدة لديها عبارة عن سيل من الدفقات الشعورية فترى الشاعرة  متوهجة يشعل كلماتها قناديل لتنير قتامة الليل لعلى الآخرين يقتبسون النور من قناديلها تغني للريح حيث المدى المزدحم بالصخب والضجيج لعل كلماتها توقظ الآخرين وتدلهم على مصدر النقاء

يمكن القول إنّ الشاعرة  الدكتورة اسمهان استطاعت ان تعبر عما أرادت بشكل متميز جعلنا نقترب إلى حدّ بعيد من الصور

التي رسمتها بريشة بوحها لنفهم دفء اللغة وجماليتها من خلال خصوصية تمتع بها وآوّنها في قصيدتها. وإذا كانت

بعض قصائد المقاومة تتفوق بهذا الجانب أو ذاك عند شعراء آخرين حين يتعاملون مع هذه الموضوعات، فإن ميزة

اسمهان تنبع من إصرارها على شحن قصيدة  الشعر الحر والمقاومة  بجمالية تقربها إلى النفس..

نص  قبس من الجنوب    يتماهى مع واقع مر يعيشه إنساننا العربي على مساحة واسعة من الحزن تنبئك بما حصده هذا الإنسان منذ نصف قرن من وباء و صحراء خنثى و أحلام قطع حبلها السري و حمل كاذب لا يمكن له أن ينجب إلا وهما و تشرذماً 0 فالقافلة الإنسانية التي تسير في ركبها أمة افتقدت ميراث النبوات و عز الظل فيها و امتد العراء

قبس من الجنوب

قصيدة مهداة الى العراق ..

 

عفوًا يا دجلة عفوًا

لم أحمل من لبنان سوى وجعي

لم أحمل من لبنان سوى أمل

مازال نديًا ، رغم الغدر

أمل صاغته سناء بمهجتها

في وقفة عز قدسية

كغمامة عشق صوفية

 

فوق الأرض الوحمى ،

صامتة وق فت

كمخاض الإعصار

عيناها رائحة الزعتر ..

والرؤيا نسر ،

أغنية

وجد

وجد

قبس من نور السّبط الثائر

من نور الجبار

 

هاأنذا.’ ..

– قالت في صمت النجوى

اتية من رحم اللهفة

حاملة موتي

شوقًا للأرض المزروعة

باللون الأسر

بالظمأ الغاضب

بالرغبة ..

 

بالوحشية ..

 

بالعار ..

 

هاأنذا ..

اتية خيطًا من نور

يجتث الشبق العاقر

من مقل المدن الثكلى

من عري الأصنام

 

اتية وترًا غصانًا

باللحن النائم في. الأضلع

فادثروا بنداء الجرح

وخلوا ما بين الأرض الوحمى

ودمي

 

سأعود الان ،

أعود الليلة ،

مع بدء الدهر

معافاة

فاحترقوا ..

احترقوا

احترقوا

إن كُنْتُمْ أحياء

 

هاأنذا

أحرقت ، الليلة ، بدءًا من سفر التكوين

ملايين الأسفار

ودفنت ، الليلة ، بدءًا من زمن الكشف

ملايين الأعوام

ونحرت المهرة

أسريت على حبب الرعشة

من لون العار الأزلي

إلى قطبي الذات

 

فاسقوني

اسقوني

من وجع الثأر المجنون بصدري

وأرموني ..

عارية

في شبق اللهب الهمجي

أنا العاشقة

العاشقة

العاشقة الموت – المحبي

أنتظر الإبحار ..

 

عفوًا ، يا دجلة ، عفوًا

في كل فتاة من حورك

بادجلة ، أخت لسناء

في كل إمرأة ، أم

يادجلة ، ألقى الخنساء

يا لون الصبح المغزول بلهفتها

هذرًا أمجادي كانت

وهمًا أحلامي

ورؤاي هباء

 

وحريم الأسوار الذهبية

يرميها القهر الشرعي

بأشداق الأشباه

 

يا فوح الأسماء الحسنى

هذي بغداد تحييك

وتحييك

هذي بغداد تغنيك

هذي بغداد – النخوة

بغداد – العزة

 

ترسي بالبذل الأسمى

بالمهج النشوى

بالمقل المروية

من ضحكة دجلة

.. مدماك الفجر العربي الوضاء

 

هذي بغداد – الحلم .

بغداد – الوعد

وبغداد – الأمة

لن تخلف موعدها

لن تطفيء مشغلها ،

لن تحني هامتها

فجنى التاريخ بعهدتها

وسنى الأمجاد بوجنتها

ودماء ألطف بمقلتها

 

والكون يرتل ايتها

فمبادا ؟

فبماذا يتغنى الشعراء ؟

 

عفوًا يا دجلة عفوًا

أسألك الغفران

فأنا ، يادجلة ناضحة خجلًًا

ما جدوى وجعي ؟

ما جدوى شعري ؟

ما جدوى كوني مؤمنة

– ثائرة

والنصر يغني مزهوًا

في جرح بنيك الأبطال

أسمهان بدير

ملاحظة :سناء محيدلي هي الشهيدة البطلة التي فجرت نفسها على

حاجز إسرائيلي في جنوب لبنان–

 

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …