%D8%A7%D8%B3%D9%85%D9%87%D8%A7%D9%86 2 أوكرانيا

أسمهان بدير..الصوت الوطني وجمالية الأساليب الفنية المتنوعة

أسمهان بدير–الصوت الوطني وجمالية الأساليب الفنية المتنوعة

في قصيدة (ياطويل العمر)

أياد النصيري—العراق-25-7-2017

************************************

الشاعرة الدكتورة(أسمهان بدير) في هذه القصيدة  أشبه بعازفة  على  أوتار الإنسانية بأسرها  في سيمفونية /تيمة  امتدت في قصيدتها هذه منذ اول كلمة

حتى نهاية  القصيدة  بنفس  شعري واحد  تلوح وحدته  من خلال تناغم صورته

إن  تفتقد الوطن الذي عشت فيه يأسرك  داخل فضاءه تبصر المستقبل  وتعاني  قسوة الواقع ووحشيته كل ذلك  كي  تلج

إلى  دائرة الإنسان التى خلعت عليها الشاعرة وصف الوطن الجميل الحضن الدافىء للأنسان  وبالحس الوطني ونقدها للحاكم المستبد

ولهذا لم تخل   قصيدة (ياطويل العمر)  من استحضار  الأزمنة الثلاثة  الماضي الحاضر المستقبل  فالتداعي

الدلالي ألقى بظلاله على  معظم مقاطع القصيدة  بداية من العنوان فاللحظة  الآنية تستدعي وطن  جميل خالي من القتل والدمار والتهجير والتحكم به من قبل فعل وقوة مستبدة/ الى وطن نحمله

بالقلب والروح   مستبصرة  المستقبل، متحلية بشفافية الاستبطان ومعبرة عن  بصيرة  الشاعرة  النافذة  لاستشراف المستقبل

ولهذا النص المكثف  دلالات على ما جرى من أحداث مؤلمة ودامية  في أرجاء الوطن العربي فكان لها الأثر الواضح على لغة الشاعرة التي أظهرت براعتها من خلال النص المزدوج بين السهل الممتع والرمز الدال على مدلولات بعيدة تجعل المتلقي متأملا ومؤولا وهذا بحد ذاته أرقى درجات التعبير الشعري

الشاعرة ((أسمهان بدير)  مجيدة وخيالها واسع للغاية واستطاعت توظيف المفردات بحبكة عالية من خلال تأثير الصور الشعرية البلاغية المنبثقة من الألم ومن مجريات وأحداث مؤلمة كان مصدرها شدة الإحساس المرهف

وجدنا اغلب نصوصها في كل كتاباتها العمودية والشعرية والتفعيليةوالنثرية فيها طعم خاص كانت مؤثراتها صادقة وهو أمرٌ يحسب لها حينما يكون الباعث هو صدق الوجدان كما كانت اللغة المستخدمة سلسة واضحة لا تحتاج عناء في الوقوف عليها ولكنها مصحوبة بصور شعرية مكثفة وللغاية أعطت مدلولاتها في أغلب النصوص

من الواضح في هذا  النص ان الشاعرة استكملت مؤشرات الحركة والعبور فأظهرت سبب المجد والعظمة وأظهرت سبب الحقارة والخواء .

حفظت الشاعرة إذن لإنسان اليوم قوتان: الأبجدية المتعدية الفائضة والوحي الجامع الموحد لتقول له ماذا ورثت منهما هل أنت متسامح محب تنادي بالرحمة أم أنت خلاق مبدع تمد البشرية بالمخترعات و أدوات الخلق ووسائل الابتكار إلى العربي اليوم الذي فقد إنسانيته واستحال وحشاً فقد حقيقته الروحية والعلمية وانتهى إلى وهم تحول من أبجدية تمده وتشع به ووحي يملأه رحمة وتسامحا إلى وحش ينشب براثنه ومخالبه وأظافره وشهوة فتكه وبطشه وجهله في أبناء جلدته ومسالمي شعبه وشعوب المنطقة ولا يخفى ما في الفعل يلوك في قولها براثن وهم تلوكها أي تمضغها وتديرها في شدقيك وتعضض فيها بدل السواك لا يخفى ما فيها من إشارة تجدد في الوحشية والهمجية التي صارت ذهنية متوارثة تجددها الطائفية وهويات الضيق فتتقلب بين الأجيال وتتنقل الشاعرة إذن وبمراجعة فنية بالغة القوة تتأمل واقعها وتحاول الغوص إلى جذوره الكامنة لتجد النسغ الذي به تنجو من هذا القواء وتتغلب على هذا القحل واليباس تريد أن تتزحزح عن الوهم وما يلازمه من عدوان وشراسة وحرب ملعونة حطمت وتحطم كل شيء حتى ليس بإمكان فرد مهما كانت مؤهلاته أن يتصدى لها أو يحمي عينيه من أظافرها

لها أو يحمي عينيه من أظافرها

.وسنقف على الجمالية وما أشد شغفنا بها في الآونة الأخيرة فنترصدها كما يترصد النسر صيدا ثمينا/ بكرا..

إن الجمالية في نصنا هذا تأسست من خلال تناغم بين جملة من المعطيات من أهمها الأنماط إذ نلحظ أن الوصف كان نصيرا للحدث  وحليفا ولم يكن في انقطاع عنه أو قطيعة وهو ما يؤسس للبرنامج الذاتي المدروس بعناية فائقة من طرف صاحبه.

والذي كشف بدوره عن لحظتين متناغمتين:

لحظة الغموض/ العتمة/ التيه:

استطاعت الشاعرة((أسمهان))  حياكتها عن طريق توظيف كل الأدوات والآليات والتقنيات.

وتجلى ذلك من خلال:

تعالق  الحوار والوصف

من أمثلةذلك

ورغم قتلاناالكثار )

لكني أواصل الرسالة)

لا أعلم الدافع للكتابة )

مِن بلد لبلد تُمارس الإبادة

مهما تظاهرت بقوة الشكيمة

لا يرجع التاريخ إلى الوراء)

وهذا التفاعل/ الانسجام بين الجملة الفعلية التي تصنع الحدث والجملة الاسمية التي ترسم المشهد؛ أكسب النص جمالية ومكنه من العبور إلى ذهن المتلقي رغم بشاعة الموقف ودراميةالمشهد تقنية السؤال في الخطاب الشعري المحكى للحدث الزماني

اللافت للنظر في هذا النص هو كثافة الأسئلة. فقد اشتغلت عليها منتجة الخطاب اشتغالا دقيقا محكما، غايتها استمالة الفكر الباحث في الخفايا

لا لتقديم الإجابة الممكنة والمريحة؛ بل لمشاركتها هذه الحيرة وهذا التيه.

فنصغي إلى بعضها

وأنت في كل مكان)

تساق كي تحارب الشعوب

وتزرع الدمار بقوة ( الدولار

ـ هل بدأ الحديث يورثك السامة ؟

وهل تجاوزت قوانين اللياقة؟

******************

إن هذه الأسئلة في تقديري لا تخلو من موقف فكري أو حتى ايديولوجي تأبطته الشاعرة كي تحكي عن واقع مرير

أمام هذا الحاكم تعلم عنه  الكثير وهي تقف شاهدة على أمور عديدة تماما كما كانت(تقف )

فترى في (   ذلك الحاكم  ) اغتيالا للنقاء والحلم والزمن البكر…

فهي تعلن بطريقة ضمنية عن موقف فكري تبطنه في رحم هذه الأسئلة الحارقة..

وهذا لعمري من البديهيات، أن تحمل الشاعرة المسوؤل او الحاكم  وتنتقد بشدة بعض مواقفه  والأعيبه ومنهج خططه السلبية  في امتلاك  ( الدولار) لقتل وسلب ارادة الشعوب-

فكل نص ننتجه نسكب فيه البعض منا

ولا يمكن أن يكون خاليا أو بكرا تماما

بيد أن الذي نثمنه هو الطريقة المحكمة التي غلفت بها الشاعرة(اسمهان بدير) كل هذه المواقف فلم تكن طريقة سطحية أو مكشوفةأو مبتذلة، أي لم تسقط المباشرية المقيتة..

كما أن هذا النص يخرج من بيئته ويعلم عن واقعه الكثير وصاحبته متجذرة في قضاياه ترصد التفاصيل، وتنقلها بطريقة فيها من السحر الكثير

بعيدة عن الشطحات البلاغية المسقطة والتهويمات المبهمة التي تسيء للفكرة وتنفر القارىء..ملامسة الجرح

هذا النص يضع الحرف على منطقة مؤلمة ويدعو لفتح الجرح لأنه تعفن ويجب تعريته لتنظيفه من الداخل ومعالجته معالجة علمية/ عقلية

الحكاية أصبحت خلف كلمات النص، حكاية أعمارنا وانتظاراتنا التي لا تنتهي، إلى أن يأتينا حدث ما، كبير أو صغيرفيذكرنا بأن العمر انتهى وما انتهت انتظاراتنا ومابقي لنا سوى جدران بيت مغلق وفنجان قهوة نسامر فيه وحدتنا فيما تبقى من أعمارنا الضائعة في انتظار ما لا يأتي

إذن تذكير هو نص إنساني الموضوع، استخدمت الشاعرة  في صياغته أساليب فنية متعدة، من العنوان الغامص حامل الدلالات الواسعة، إلى القفلة المفارقة المنفتحة المتشظية التأويلات، التي بتواشجها مع العنوان حملت مقولة النص ورؤيته بعيدا عن المواعظ أو الطرح المباشر

ونوعت في استخدام الجمل من اسمية واصفة تؤثث النص وتعطيه وجوده في الفضاء الزماني المكاني وفعلية حركية تندفع بالحكاية بإيقاع يتناسب وإيقاع شخصية النص الداخلي ما ينعكس على إيقاع القارئ أثناء ملاحقته الحكاية متوسلة بنقاط الإضمار التي أكثرت من استخدامها حتى في مواضع لا حاجة لها، محققة تكثيفا جيدا.

كل ذلك بلغة جاء بلغة مناسبة واصفة دون إسهاب ومحركة للحدث دون جمود .

و لا تجد الشاعرة ما تثور بها على ذلك الواقع الذي خلفته المساومات السياسية العربية غير الكلمة التي لا تقل شأنا عن حمل السلاح لذا نجدها في  هذا النص( ياطويل العمر) تصور مهزلة العقلية العربية السياسية عبر عرض ما يحدث في العالم من تغييرات

وصلت حالتها لمرحلة دفعتها لتصف  ذلك واقعهم (دعارة)( والدولارقوة) ولتعطي شعورا أنّ البقاء على قيد الحياة للكثير من الناس مرتبط بالموافقة والرضوخ لبغاء سلاطين الجور وهنا لا يعني البغاء الجنسي إنما ظلم السلاطين فمهادنة الظالم على ظلمه والتزلف له وخدمته وعدم الثورة بوجهه وانتقاده على أقل تقديرهو البغاء الأشد خطورة من البغاء الجنسي الشاعرة صنفت العرب بين بغي مهادن مستسلم للسلطان الجائر وبين شريف ملتزم سيدفع ضريبة غالية بسبب التزامه بشرفه ومبادئه الشريف في دنيا العرب مصيره الموت بالسيف ويعني معارك مفتعلة وحروب مصطنعة تصب في مصلحة بقائهم على الكرسي

نلاحظ ان الشاعرة أكثرت من الأسئلة لصاحب العمر الطويل عن الوطن والقتل  والتدمير وشراء الذمم  من خلال قيمة الدولار والتلاعب بمصير الشعوب 00الوطن لدى الشاعرة وهيب وهبة مجروح مثقل بجراحه القديمة والجديدة بعد ان باعه القريب والبعيد، الوطن لدى الشاعرة   (أسمهان بدير)                                                                                   موصول بالأمة العربية بالوطن العربي المثخن هو الاخر بالجراح الكثيرة والطعان الوفيرة  من حروب مذهبية وأهلية وأطماع الغريب والفقر والجهل والبطالة والتشرذم

كيف يشعر العربيّ وهو يعيش هذا العصر المضطرب وهذا الصراع الذي يجعل الحليم حيرانا؟ هل يقف متفرّجا مهتمّا بشأنه الخاص أو الوطنيّ الضيّق أم يحمل هذا العبء الذي تنوء به الأنفس؟ هل يفقد الأمل ويركن في زوايا اليأس؟ أم ينهض لتغيير واقع ولو بالنزر القليل من الجهد حتى ولو بكلمة؟

لهذا أشد على يد الشاعرة القديرة ((أسمهان بدير)) لما تتمتع به من اختيارات مواضيع واقعية نتعايش معها  ساعة الحدث وبلغتها المعهودة الجميلة  آملا ان نقرا لها الاجمل والاجمل

فاقرؤا إن شئتم، واستعينوا بالخيال لإطعام المعنى وملئ الفراغات، فما سُكت عنه أكثر مما قيل وما قيل لا يتصل دون ملئ الفراغ

رسالة الى طويل العمر

رسالة إلى طويل العمر وإلى كل الرؤساء الذين شاركوا في قمة الحقارة ..

عفوك يا مالك الدولار

برغم ما قيل وما يقال ..

ورغم قتلانا الكثار

وتحت وطأة المهانة ..

وما نعاني من روائح الخيانة

أكتب لك !!

بقلم صنعته من عظم إنسان بريء

لا أذكر المكان والزمان

وأنت في كل مكان ..

تساق كي تحارب الشعوب

وتزرع الدمار بقوة ( الدولار )

ماذا يهم أن يموت شعب

لم يهضم الزعامة الجديدة

ماذا يهم أن ..

( عفوك يا حامل القنابل )

وحارق الأطفال السنابل ..

من قارة لقارة

من قارة لقارة

تمتاز بالغباوة ..

( مهما تجنت فئة حقودة

وزعمت بأنها حقارة

فإنها في نظري شطارة )

شطارة القرصان بالوثوب

شطارة البغي في الدعارة

لكني أواصل الرسالة

لا أعلم الدافع للكتابة

لا الشوق يغريني ولا الصبابة

فربما أطمع بالصداقة

صداقة أقول لا عمالة ..

فهل أواصل الكتابة

دون أن أزعج حسك الرهيفا ؟

فأنت تخشى الكلمة الجريئة

فتسكت الهتاف بالبنادق

وأنت لا تطيق البسمة المضيئة ..

وأنا أحب الصراحة

أقول (يا أخي )

فلا تظنها دعابة

بل راغبة أنا.بهذه القرابة

لعلها تحرك الشعور بالإخاء

فتنتهي من لوثة العلاء

ويستفيق مرة وجدانك البليد

يا مالك الدولار والرقابا

وخائض الفضاء والعبابا ..

مِن بلد لبلد تُمارس الإبادة

بعد أن شوهت كل القيم الأصيلة ..

ودست كل شرعة نبيلة

إطالة لعمرك ( يا طويل العمر )

هيهات أن تفلت من مصيرك الرهيب

مهما تظاهرت بقوة الشكيمة

وأوغلت يداك في الجريمة ..

ستنتهي كالوهم كالسراب

فقد أتى في الحكمة القديمة

لا يرجع التاريخ إلى الوراء

هل بدأ الحديث يورثك السامة ؟

وهل تجاوزت قوانين اللياقة ؟

معذرة ياسيدي إن لم تهذبني الحضارة

حضارة الدولار والدعارة .

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …