هادي مرعي / عاد محمد البرادعي الحاصل على جائزة نوبل ، وهو رئيس سابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الى القاهرة ليكون واحدا من رجالات ثورة 25 يناير التي أسقطت نظام الرئيس محمد حسني مبارك ، وكان فاعلا في الأشهر التي تلت ، وساهم بشكل حثيث في تمتين الجبهة الثورية، وأسس حزب الدستور وإنضم إليه العديد من الشباب المتحمسين الذين رأوا فيه راعيا لهم حاملا لهمومهم بصدق وحيوية دون تردد ،وكان إسمه يطرح في المحافل السياسية والإعلامية كرئيس محتمل ،أو رئيس وزراء للدولة الجديدة الناشئة ،وكان الإختيار صريحا حيث وقع عليه بعد الثالث من يوليو الماضي ليكون نائبا للرئيس المؤقت عدلي منصور بعد أن اطاح الإنقلاب العسكري بحكم الإخوان المسلمين وطوح بفرص بقاء الرئيس محمد مرسي في منصبه إستجابة لتظاهرات إندلعت نهاية حزيران يونيو الماضي وكانت إيذانا بعهد جديد لمصر مع العنف والإعتصامات والصدام مع حركة الإخوان المسلمين التي إستلمت السلطة لعام واحد بعد إنتظار دام لثمانين عاما كاملة من عمرها . كانت ثورة 25 يناير التي أسقطت محمد حسني مبارك منعطفا مهما في تاريخ مصر ولم تكن هي ثورة الإخوان المسلمين الذين إعتادوا مناكفة النظام دون حشد الشارع كما حصل في ميدان التحرير مطلع العام2011 بل كان الحضور الفاعل والمؤثر لجموع الشباب الطامح بالتغيير الذي زلزل الأرض بينما كان الإخوان يترقبون المشهد وحين تيقنوا من نهاية النظام إندفعوا بقوة جبارة ونظموا صفوفهم وإمتلكوا الزمام والشارع وبدت الثورة وكأنها ثورتهم وكأن الشباب وجموع الشعب عيال عليها وبعدها سيطر الإخوان على السلطة التشريعية بمجلسي الشعب والشورى وصارت الحكومة لهم دون غيرهم ثم فاز محمد مرسي على منافسه المحسوب على نظام مبارك بعد أن صوت له الشباب الثائر نكاية بشفيق ،وفي الأثناء كان البرادعي رمزا تحرريا وشخصية تتجه إليها الأنظار وتترقب منها كلاما، أو موقفا في كل القضايا التي تعصف بمصر . تحمل الشعب الكثير ووافق الإخوان في توجهاتهم رغم إن العديد من المواقف والقرارات لم تكن لتلائم المزاج العام لهذا الشعب ومر عام على تولي مرسي الرئاسة وإندفع الناس ثانية الى الشارع فهو ملاذهم بعيدا عن دوائر القرار السياسي والحكم مطالبين مرسي بالتنحي،أو الإستفتاء وعندما رفض كل المطالبات بالتنحي ،أو النزول عند إرادة الشعب تدخل الجيش وأخرجه ومعه كل حركة الإخوان من الساحة السياسية وسلطة القرار ،وفي كل ذلك لم يكن رجال حسني مبارك الذين يكرهون البرادعي غافلين بل كانوا يخططون ويركبون الموجة تلو الأخرى وهم يسمعون لهمهمات الناس الذين يسرون لبعضهم ( هو إيه إلي جرى هو إحنا بنخلص من حسني يجينا مرسي !الله مش معقول دا كله إلي يجرا ياجماعة ) كان الشعب في مواجهة خيارين إما البقاء على حكم الإخوان المخالف لمزاج المصريين ،أو العودة الى أيام مبارك مع بعض التعديلات وفي الأثناء كان رجال مبارك أول من تحرك في ثلاثين يونيو وغيروا المسار وأعادوا الحكم السابق بكامله ،ولم يكن الشعب ليتحدث حتى مع الإبادة الجماعية التي إرتكبها رجال مبارك في ميدان رابعة والنهضة ومسجد الفتح وسجن أبي زعبل .كان الشعب مصابا بخيبة أمل فهو بين مطرقة الإخوان وسندان النظام السابق . لم يكن تعيين البرادعي نائبا للرئيس كافيا ليبعث فيه الطمأنينة ، فالرجل يجد الرجال الذين ساهم في سقوطهم يعودون ويستعدون للإنتقام من كل الذين ثاروا في يناير 2011 وأولهم البرادعي الذي يعلم تماما كيف تجري الأمور وإستغل الرجل أول بادرة تحول ليستقيل ويغادر مصر لكي لايكون لقمة سائقة لرجال مبارك العائدين من جديد.